البروفيسور الدكتور جميل زيدان
دكتوراة الفيروسات جامعة القاهرة- أستاذ الفيروسات الأمراض المعدية – المركز القومي للبحوث – مصر
البروفيسور الدكتورة عبير مصطفى عبد الحميد
أستاذة الأمراض المعدية- المركز القومي للبحوث – مصر
في السبت الأخير من شهر أبريل من كل عام، يحتفي العالم باليوم العالمي للطبيب البيطري، عرفانًا بدور هؤلاء الجنود المجهولين الذين يعملون في صمت لحماية صحة الإنسان والحيوان والبيئة معًا. فقد انطلقت فكرة هذا اليوم العالمي في عام 2000 بمبادرة من الاتحاد العالمي للطب البيطري (WVA) في بلجيكا، ليصبح تقليدًا سنويًا للاعتراف بجهود هذه الفئة الحيوية.
مهنة ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ
الطب البيطري من أقدم المهن الإنسانية؛ حيث أظهرت الأدلة الأثرية ممارسات علاجية للحيوانات منذ العصر الحجري (3400-3000 قبل الميلاد). وازدهرت المهنة مع العصور الوسطى، خاصة لعلاج الخيول ذات الأهمية الاقتصادية، فيما ساهم العرب بشكل كبير في تطوير علم البيطرة منذ القرن التاسع الميلادي.
دور الطبيب البيطري في حماية المجتمع وصحة الحيوان
لا يقتصر دور الأطباء البيطريين على علاج الحيوانات، بل يشمل ضمان سلامة الغذاء، مكافحة الأمراض المشتركة، وحماية الصحة العامة، خاصة أن حوالي 75% من الأمراض المعدية الناشئة ذات أصل حيواني. كما يقدمون الإرشاد لمربي الحيوانات وأصحاب المزارع بشأن أسس الرعاية الصحية والتغذية والتطعيمات.
الصحة العامة والطب البيطري.. ارتباط لا ينفصم
يُسهم الأطباء البيطريون بشكل مباشر في الحفاظ على صحة الإنسان عبر مراقبة جودة وسلامة المنتجات الحيوانية كاللحوم والبيض والألبان، إضافة إلى الكشف المبكر عن الأمراض الحيوانية الخطرة. رغم التقدم في التشخيص والمراقبة، تظل الأمراض حيوانية المنشأ مصدر قلق عالميًا، مما يستدعي تنسيقًا وثيقًا بين قطاعات صحة الإنسان والحيوان والبيئة ضمن إطار مفهوم “الصحة الواحدة”.
مساهمات أكاديمية وبحثية عظيمة
الأطباء البيطريون لهم إسهامات متميزة في التدريس والبحث العلمي، ليس فقط في كليات الطب البيطري، بل أيضًا فى مراكز ومعاهد البحوث. كما يقودون أبحاثًا متقدمة لتطوير علاجات ذكية، لقاحات مبتكرة، وتشخيصات فائقة السرعة.
الصناعة الدوائية والبحث العلمي
في شركات الأدوية ومراكز البحوث الطبية، يلعب الأطباء البيطريون دورًا محوريًا في تطوير واختبار اللقاحات والأدوية، مستندين إلى معرفتهم الواسعة بالميكروبيولوجيا والفيروسات والسموم.
حماية الأمن الغذائي وصحة المجتمع
يشكل الأطباء البيطريون ركيزة أساسية في ضمان الأمن الغذائي عبر:
- فحص الحيوانات والمنتجات الحيوانية في المعابر الحدودية.
- مكافحة الأمراض العابرة للحدود مثل السل وداء الكلب.
- التفتيش الصحي على المصانع والمطاعم وإمدادات المياه.
- المشاركة في جهود الإغاثة بعد الكوارث الطبيعية والأزمات.
أرقام تُبرز أهمية الطب البيطري
- 2.5 مليار إصابة سنويًا بأمراض منقولة من الحيوان.
- 2.7 مليون وفاة سنويًا بسببها.
- 60% من الأمراض المعدية المعروفة للبشر من أصل حيواني.
- 75% من الأمراض الناشئة مصدرها حيوانات.
- لا توجد حتى الآن خدمة عالمية متكاملة للكشف والاستجابة المبكرة لهذه التهديدات.
المستقبل مع تقنيات النانوتكنولوجي
- تطوير أدوية ولقاحات نانوية ذكية.
- تسريع تشخيص الأمراض الفيروسية في أقل من 30 دقيقة.
- استخدام جسيمات نانوية (ذهب، أكسيد الزنك، التيتانيوم، الفضة، السيلينيوم، والكيتوسان) لعلاج الأمراض المعدية.
- تجريب لقاحات نانوية مبتكرة ضد الأمراض الحيوانية والفيروسية.
أحدث تقنيات التشخيص المختبري
- الزرع الفيروسي والبكتيري.
- اختبارات PCR التقليدية والمتعددة والزمن الحقيقي.
- اختبارات التدفق الجانبي بجزيئات الذهب النانوية.
- اختبارات LAMP للكشف السريع.
- الاختبارات المناعية ELISA، Western blot).
- تقنيات مقاومة المضادات الحيوية.
مهنة الشرف والعلم والقلب الرحيم
الطب البيطري يجمع بين العقل العلمي، القيادة الفعالة، والقلب الرحيم. فحب الحيوان والإحساس بالمسؤولية المجتمعية هما جوهر هذه المهنة النبيلة.
تحية تقدير واعتزاز
في هذا اليوم، نوجه تحية إجلال لكل طبيب بيطري يعمل بإخلاص وتفانٍ في كل مدينة وقرية، ويزرع الصحة والأمان في كل بيت ومزرعة ومستشفى.
نؤمن بأهمية التعاون البحثي مع جميع الجامعات والمعاهد داخل مصر وخارجها، لتعزيز مفهوم “الصحة الواحدة” وتحقيق مستقبل صحي آمن للجميع.
Comments are closed.