ift

د جميل زيدان يكتب: مصر نموذجا لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني والشرق الأوسط

أستاذ في المركز القومي للبحوث – مصر

في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة، ومع استمرار رعونة الموقف الصهيوني وفشل محاولات التسوية، تبرز مصر كرمز للقيادة الحكيمة القادرة على مواجهة التحديات المصيرية التي تهدد استقرار الشرق الأوسط. إن الدور المصري اليوم بالغ الأهمية في تحفيز الجهود العربية والدولية، خصوصًا من الأمم المتحدة، لضمان حقوق الشعب الفلسطيني وتحقيق العدالة.

تتمتع مصر بتاريخ طويل ودور محوري في المنطقة، ما يمنحها القدرة على استغلال الفرصة الحالية لإحداث تغيير إيجابي يعزز السلام العادل والمستدام. موقف مصر الثابت يمثل مصدر أمل ليس فقط للفلسطينيين، ولكن للأمة العربية برمتها في سعيها لاستعادة الحقوق وإرساء السلام. لقد أثبتت مصر، عبر التاريخ، أنها تمتلك القدرة على الوقوف في وجه التحديات الكبرى، سواء كانت عسكرية أو دبلوماسية، لتظل دولة مركزية في المنطقة تسترشد بالعدالة وتعمل على استقرار الشعوب.

موقف مصر والأردن: التزام بالدفاع عن الحقوق الفلسطينية

تمثل مصر قلب الدول العربية النابض للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ورفض أي محاولات للتلاعب بتلك الحقوق. الموقف المصري القوي ضد التهجير القسري للفلسطينيين يعكس إدراكًا عميقًا لما تحمله هذه السياسات من تهديد لمستقبل القضية الفلسطينية، إن دعم مصر لصمود الشعب الفلسطيني يعكس موقفًا عربيًا أصيلًا يعزز الوحدة والتضامن في مواجهة التحديات. مع صمود الفلسطينيين الأسطوري على أرضهم، تدرك مصر أهمية التمسك بالحقوق المشروعة في مقاومة الاحتلال.

الدور المصري لا يقتصر فقط على الأبعاد الدبلوماسية، بل يمتد أيضًا إلى تحفيز المبادرات الإنسانية التي تضمن توفير الدعم للفلسطينيين في مختلف المجالات. مع هذه الجهود، تسعى مصر إلى تحقيق السلام والعدالة التي طالما حلم بها الشعب الفلسطيني، على الرغم من الحواجز التي لا تزال قائمة أمام تحقيق هذه الطموحات.

القضية الفلسطينية: مفتاح استقرار المنطقة

يظل حل القضية الفلسطينية هو العامل الرئيسي لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. إن استمرار الاحتلال الإسرائيلي يعطل فرص السلام الدائم، والموقف المصري المتواصل يؤكد أهمية إنهاء الاحتلال وفقًا للقانون الدولي، مما يضمن الحقوق المشروعة للفلسطينيين.

إن التغاضي عن هذه القضية يعمق الأزمة في المنطقة ويزيد من التوترات التي تؤثر سلبًا على الدول المجاورة، إن تحرك مصر في تعزيز القرارات الدولية التي تدعم الحقوق الفلسطينية ومؤازرة القضايا العادلة في المنتديات العالمية يعزز مواقف الدول العربية الأخرى ويزيد من ضغط المجتمع الدولي على الاحتلال الإسرائيلي.

كما أن الالتزام المصري بتقديم الدعم السياسي والإنساني للفلسطينيين يعكس تفهمًا عميقًا للتحديات اليومية التي يواجها الشعب الفلسطيني. هذا الدور القيادي يعكس روح التضامن التي تتبناها مصر في مواجهة الأزمات الكبرى.

فرصة تاريخية لتصحيح الأوضاع الدولية

تتجسد الآن فرصة فريدة للدول العربية، بقيادة مصر، لإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة الدولية. ومن أجل ذلك، يجب التركيز على:

  1. تنشيط الدبلوماسية الدولية: يجب على الدول العربية استغلال نفوذها في المحافل الدولية لضمان دعم القرارات التي تندد بالاحتلال وتدعم حقوق الفلسطينيين.
  2. تعزيز الوحدة العربية: توحيد الموقف العربي هو أداة أساسية للرد على محاولات التقسيم الدولية للقضية الفلسطينية، إذ أن وحدة الصف العربي ضرورية لتقديم رؤية متماسكة وموحدة.
  3. دعم الإعلام: يجب تكثيف الحملات الإعلامية التي تبرز معاناة الشعب الفلسطيني وتطالب بحقوقه المشروعة، إضافة إلى إنشاء منصات إعلامية تدافع عن القيم الإنسانية في القضية الفلسطينية.

الحل الوحيد… إقامة دولة فلسطينية مستقلة

العديد من الحلول المؤقتة التي تمت محاولة تطبيقها سابقًا لم تثمر عن النتائج المرجوة. الحل العادل والمستدام يكمن في:

إنهاء الاحتلال الإسرائيلي: استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية.

الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين: يعتبر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو أساس التوترات المستمرة في المنطقة. احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية، قطاع غزة، والقدس الشرقية) يعد النقطة الجوهرية لهذا النزاع. إسرائيل تسعى لتوسيع حدودها على حساب الأراضي الفلسطينية، مما يثير الرفض من قبل الفلسطينيين والدول العربية.

القدس: هي قضية مركزية في الصراع، حيث أعلنت إسرائيل القدس عاصمتها الموحدة بعد احتلال الجزء الشرقي منها في عام 1967. هذا التصرف يعتبر غير قانوني وفقًا للقانون الدولي، ولا تعترف معظم دول العالم بالقدس عاصمة لإسرائيل.

الجولان السوري: في حرب عام 1967، احتلت إسرائيل مرتفعات الجولان السورية، وهي منطقة استراتيجية غنية بالموارد. رغم أنها ضمت المنطقة في عام 1981، إلا أن معظم المجتمع الدولي لا يعترف بسيادة إسرائيل على الجولان.

جنوب لبنان: منذ تأسيس إسرائيل، كانت هناك صراعات مسلحة مع لبنان، ولا سيما مع حزب الله اللبناني، الذي يعارض الوجود الإسرائيلي في المنطقة. إسرائيل شنت العديد من الغارات والهجمات على الأراضي اللبنانية، وأيضًا تدخلت بشكل مباشر في الحروب مثل حرب لبنان 2006، أم الرشراش: لا تزال أم الرشراش (إيلات) جزءًا من أراضينا المحتلة، والمطالبة باستعادة أم الرشراش ضمن اتفاقية السلام في عام 1979.

إقامة دولة فلسطينية مستقلة: ضمن حدود 1967، مع جعل القدس الشرقية عاصمتها. هذا يعد من الأسس الجوهرية لتحقيق السلام بين الأطراف المعنية.

ضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين: بما في ذلك حق العودة والكرامة لجميع الفلسطينيين الذين شُرّدوا عن أراضيهم، وهو عنصر أساسي في التوصل إلى حل شامل ومستدام.

نحو مستقبل أكثر عدلًا

إن القيادة المصرية اليوم تقع أمام فرصة تاريخية لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، والعمل على بناء مستقبل أكثر استقرارًا لمنطقة الشرق الأوسط، قائمًا على السلام العادل والشامل. يتطلب ذلك من جميع الدول العربية تحركًا موحدًا من خلال التنسيق والعمل المشترك في جميع الأصعدة: السياسية، الاقتصادية، والدبلوماسية.

مصر، بعراقتها السياسية والدبلوماسية، قادرة على قيادة هذا المسار من أجل ضمان عالم أكثر عدلًا، حيث يكون لفلسطين مكانتها المستحقة ضمن المجتمع الدولي. كما أن التحرك المصري يتطلب من الدول العربية والمنظمات الدولية تعزيز مساعي مصر لتحقيق العدالة والسلام الذي يليق بالشعب الفلسطيني.

Comments are closed.