د منيرة بسيوني تكتب: ضوابط إنتاج الألبان العضوية وتوقعات نموه
رئيس قسم بحوث تكنولوجيا الألبان – معهد بحوث الانتاج الحيواني- مركز البحوث الزراعية – مصر
تُعد الألبان من الأغذية الهامة التي تلعب دورًا رئيسيًا في تغذية الإنسان، حيث توفر مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية الأساسية مثل البروتينات، الكالسيوم، والفيتامينات. في عام 2018، بلغ الإنتاج العالمي من الحليب 843 مليار لتر، بقيمة تقدر بـ 307 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 22% بحلول عام 2027.
وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، يُنتج قطاع الألبان كميات كبيرة سنويًا لتلبية الطلب العالمي المتزايد، سواء من الألبان التقليدية أو العضوية ويأتي حوالي 80% من إنتاج الحليب السنوي من الأبقار، بينما يأتي الباقي من حيوانات أخرى مثل الجاموس، والماعز، والجمال، والأغنام. وفي ظل تزايد الوعي الصحي، أصبح الاهتمام بالألبان العضوية في تزايد مستمر، نظرًا لفوائدها الصحية وطرق إنتاجها الصديقة للبيئة.
في هذا المقال، سنتناول كيفية إنتاج الألبان العضوية، تركيبها الغذائي، قيمتها الصحية، والاختلاف بينها وبين الألبان التقليدية.
ضوابط إنتاج الألبان العضوية
تُنتج الألبان العضوية وفق معايير زراعية صارمة تضمن عدم استخدام المبيدات الكيميائية أو الأسمدة الصناعية في تغذية الأبقار. وتشمل أبرز معايير الإنتاج العضوي ما يلي:
- تغذية الأبقار: تعتمد المزارع العضوية على تغذية الأبقار بالأعلاف الطبيعية الخالية من المبيدات الحشرية والأسمدة الكيميائية، مع إعطائها حرية الرعي في المراعي الطبيعية.
- عدم استخدام المضادات الحيوية والهرمونات: يُحظر استخدام المضادات الحيوية والهرمونات الصناعية لتعزيز النمو أو زيادة إنتاج الحليب، مما يجعل المنتج أكثر نقاءً وأمانًا.
- طرق الحلب والتخزين: تُراعى معايير النظافة الصارمة أثناء عملية الحلب والتخزين للحفاظ على جودة الحليب وخلوه من الملوثات الكيميائية والبكتيرية.
مميزات الحليب العضوي
يتميز الحليب العضوي بتركيب غذائي متوازن، حيث يحتوي على:
البروتينات في الحليب العضوي
عادةً لا يوجد فرق كبير في إجمالي محتوى البروتين والكازين بين الحليب المنتج عضويًا والحليب المنتج تقليديًا .
حيث تشكل بروتينات مصل اللبن حوالي 20-25% من إجمالي البروتين في الحليب، بينما يشكل الكازين النسبة المتبقية (75-80%).
أشارت الدراسات الحديثة إلى أن مستويات اللاكتوفيرين والليزوزيم أعلى بشكل ملحوظ في الحليب العضوي مقارنة بالحليب التقليدي حيث يُعد الليزوزيم إنزيمًا مضادًا للبكتيريا يعمل على تحطيم طبقة الببتيدوجليكان في جدران الخلايا البكتيرية، بينما يعزز اللاكتوفيرين امتصاص الحديد، ويحفز نشاط الليزوزيم المضاد للميكروبات، ويدعم نمو الخلايا الظهارية والخلايا الليفية.
الدهون في الحليب العضوي
أظهرت الدراسات أن الحليب العضوي يحتوي على دهون أكثر فائدة من الحليب التقليدي، حيث يحتوي على كميات أعلى من الأحماض الدهنية غير المشبعة المتعددة (PUFA)، بما في ذلك أوميجا-3 وأوميجا-6.
كما أن نسبة أوميجا 6 إلى أوميجا 3 في الحليب العضوي تكون أقل، مما يعزز فوائده الصحية كما يحتوي الحليب العضوي أيضًا على نسبة أعلى من حمض اللينوليك المترافق (CLA)، وهو مركب يرتبط بالعديد من الفوائد الصحية مثل تحسين وظائف الدماغ، وتقليل خطر تصلب الشرايين، وخفض مستويات الدهون في الدم، إضافة إلى خصائصه المضادة للسرطان، والمعززة للمناعة، والمساعدة في تقليل الوزن.
الكربوهيدرات في الألبان العضوية
يُعد اللاكتوز المصدر الأساسي للكربوهيدرات في الحليب، وعادةً لا يختلف تركيزه بشكل كبير بين أنظمة التغذية المختلفة.
لم تُظهر الدراسات اختلافات كبيرة في تركيز السكريات قليلة التعدد بين الحليب العضوي والتقليدي، لكن بعض أنواعها كانت أكثر وفرة في الحليب العضوي.
الفيتامينات في الحليب العضوي
يتأثر تركيز فيتامين A والكاروتينات في الحليب بشكل كبير بمحتوى الكاروتينات في النظام الغذائي للأبقار فالحليب الناتج عن الأبقار التي تتغذى على الأعلاف الطازجة يحتوي على مستويات أعلى من الكاروتينات مقارنة بالحليب الناتج عن الأبقار التي تتغذى على الأعلاف المركزة. أما محتوى فيتامين E، وبيتا-كاروتين في الحليب أعلى في الأبقار التي تعتمد على الأعلاف الطازجة مقارنة بالأبقار التي تتغذى على الحبوب المركزة وتهتم صناعة الألبان بمحتوى هذين العنصرين، لأنهما يساعدان في منع الأكسدة التلقائية للحليب والأحماض الدهنية. أما فيتامين D3، فيتم تصنيعه في الأبقار التي ترعى في المراعي بفعل الأشعة فوق البنفسجية (UV)، مما يجعل الحليب العضوي أكثر غنى بهذا الفيتامين مقارنة بالحليب التقليدى.
المعادن والمعادن الثقيلة
تعتمد تركيزات المعادن في الحليب بشكل أساسي على مستوياتها في العلف، والتي تتحدد بدورها من خلال تركيب التربة والمراعي.
تشير الدراسات إلى أن الحليب العضوي يحتوي على مستويات معادن أقل قليلاً مقارنة بالحليب التقليدي، ويرجع ذلك إلى الاختلافات في أساليب الإدارة.
على سبيل المثال استخدام اليود في محاليل تطهير الحلمات بعد الحلب، مما قد يؤدي إلى ارتفاع مستوياته في الحليب التقليدي او اضافة بعض المكملات المعدنية إلى غذاء الأبقار في لزيادة المحتوى المعدني في الحليب.
أما بالنسبة لمستويات المعادن الثقيلة تشير العديد من الدراسات إلى أنها في الحليب التقليدي تكون أعلى بشكل ملحوظ مقارنة بالحليب العضوي، وذلك بسبب استخدام الأسمدة المعدنية والمكملات الغذائية الصناعية في النظم التقليدية.
الفوائد الصحية من الألبان العضوية
توفر الألبان العضوية العديد من الفوائد الصحية، من أهمها:
- دعم صحة القلب: بسبب ارتفاع نسبة أحماض أوميغا-3 الدهنية، التي تساعد في تقليل الالتهابات وتعزيز صحة القلب.
- تعزيز المناعة: نظرًا لاحتوائها على مستويات أعلى من مضادات الأكسدة والمركبات الطبيعية التي تعزز جهاز المناعة.
- تحسين صحة العظام: بفضل محتواها الغني بالكالسيوم وفيتامين D، مما يقلل من خطر الإصابة بهشاشة العظام.
- تقليل خطر التعرض للمواد الكيميائية الضارة: حيث إن عدم استخدام المبيدات والأسمدة الكيميائية والمضادات الحيوية يجعلها أكثر أمانًا للاستهلاك على المدى الطويل
لذا تعد الألبان العضوية خيارًا صحيًا وطبيعيًا مقارنةً بالألبان التقليدية، إذ تتميز بتركيب غذائي أكثر فائدة وخلوها من المواد الكيميائية الضارة. ومع ذلك، قد يكون سعرها أعلى بسبب تكلفة الإنتاج العالية، لكن الفوائد الصحية والبيئية التي تقدمها تجعلها استثمارًا جيدًا في الصحة العامة. فإذا كنت تبحث عن غذاء صحي وطبيعي، فقد يكون الحليب العضوي خيارًا يستحق التجربة.
Comments are closed.