ift

د ولاء إبراهيم تكتب: الميكروبيوم والطب البيطري

باحث أول بمعهد بحوث الصحة الحيوانية – مركز البحوث الزراعية – المعمل الفرعى بالإسكندرية

 

يمثل الميكروبيوم (microbiome) أحد أبرز مجالات البحث العلمى والطب البيطري فى العقود الأخيرة ، نظرًا لدوره الحيوى فى الحفاظ على صحة الكائنات الحية ، بما فى ذلك الحيوانات . و مع تطور تقنيات التحليل الجينى، و التحليل الميكروبى خصوصًا التسلسل عالى الأنتاجية (Next generation sequencing) أصبح من الممكن فهم العلاقة بين هذه الكائنات و صحة الحيوان ، مما يعطى أفاقًا جديدة فى مجال الطب البيطرى.

ما هو الميكروبيـوم؟

يعرف الميكروبيوم بأنه مجموعة من الجينوم الخاصة بالكائنات الدقيقة المتعايشة مع الحيوان ، و التى تشمل البكتيريا ، الفيروسات و الفطريات ، الخ التى تعيش فى الامعاء ، الجلد، الجهاز التنفسى و التناسلى للحيوانات . يلعب الميكروبيوم  دورًا أساسيًا فى الطب البيطرى و ذلك من خلال الحفاظ على التوازن الحيوى داخل جسم الحيوان ممثلًا فى تحسين الهضم ، تعزيز المناعة  وزيادة الأنتاجية  مما ينعكس مباشرًة على النمو ، التكاثرو الوقاية من الأمراض .

أهمية الميكروبيوم فى الطب البيطرى

  • تحسين صحة الجهاز الهضمى :

الميكروبيوم المعوى مسئول عن هضم الموادالغذائية المعقدة خاصًة فى الحيوانات المجترة مثل الأبقار و الأغنام حيث يلعب ميكروبيوم الأمعاء دورًا محوريًا فى هذه الحيوانات حيث تقوم البكتيريا اللاهوائية بتحويل  السيليوز إلى أحماض دهنية طيارة  تعد المصدرالرئيسى للطاقة  . و للميكروبيوم المعوى دورًا هامًا إيضًا فى إنتاج الفيتامينات ، و تحفيز المناعة الموضعية . حدوث أى خلل فيه قد يؤدى إلى أمراض مثل الإسهال، الأنتفاخ، أو سوء الأمتصاص .

  • تنظيم الجهاز المناعي :

وجود توازن فى الميكروبات يحفزالجهاز المناعى  للحيوان و يزيد  من مقاومته للأمراض المعدية  على سبيل المثال : بعض أنواع البروبيوتيك يمكنها تقليل شدة العدوى البكتيرية و الفيروسية أو منع نمو الميكروبات الممرضة  .

  • الوقاية من الأمراض المعدية :

أظهرت الدراسات الحديثة أن التوازن الميكروبى يقلل من معدلات الإصابة بالعديد من الأمراض البكتيرية ، التهابات الجهاز التنفسى ،الأمراض الجلدية  و التهابات الضرع .

  • تشخيص و علاج الأمراض:

أظهرت العديد من الدراسات الحديثة أنه من الممكن أستخدام الميكروبيوم كاداة تشخيصية للتعرف على وجود بعض الاختلالات المرتبطة بأمراض معينة . فضلًا على أنه يمكن تطوير استراتيجيات علاجية تعتمد على إعادة التوازن الميكروبى بدلًا من الأستخدام المفرط للمضادات الحيوية .

  • زيادة الإنتاجية فى الحيـوانات :

أثبتت بعض الدراسات أن تعديل الميكروبيوم باستخدام البروبيوتيك أو البريبيوتك يساهم فى تحسين معدل النمو ، زيادة أنتاج الحليب و اللحم مما يكون له مردود جيد و فعال على الأقتصاد.

  • الأرتبـاط بصحة الإنسـان :

نظرًا للعلاقة الوثيقة بين صحة و سلامة  الحيوان و الإنسان  المعروفة بالصحة الواحدة فإن فهم ميكروبيوم الحيوان يساعد فى السيطرة على الأمراض المشتركة بين الإنسان و الحيوان مثل السالمونيلا و الإشريكية القولونية .

و للميكروبيوم تطبيقات علمية مفيدة فى مجال الطب البيطرى منها :

  • استخدام البروبيوتيك : إدخال بكتيريا نافعة مثل اللاكتوبسلس فى علائق الحيوانات لتحسين صحة و كفاءة الأمعاء .
  • الوقاية من مقاومة المضادات الحيوية :الإعتماد على التوازن الميكروبى الطبيعى كبديل عن الإفراط فى أستخدام المضاد آت الحيوية.
  • زراعة الميكروبيوم : كما أثبتته بعض الدراسات على الخيول و العجول حيث تم نقل ميكروبات نافعة من حيوان سليم إلى حيوان أخر مريض و ذلك للحد أيضًا من الإفراط فى أستخدام المضادات الحيوية و من ثمة تقليل مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية و الذى أصبح يمثل خطرًا كبيرًاعلى صحة الحيوان و الإنسان .
  • تحسين الإنتاج الحيوانى: من البان ، لحوم و انتاج البيض .
  • كما أنه من خلال تحليل الميكروبيوم أصبح من الممكن الكشف المبكر عن بعض الاضطرابات الصحية .

وبالرغم من التقدم الكبير فى مجال الأبحاث الخاصة بالميكروبيوم إلا أنه توجد العديد من الصعوبات  لفهم الميكروبيوم و التفرقة بين الميكروبات النافعة و الضارة بدقة فى الحيوانات منها التكلفة العالية للتقنيات الحديثة المستخدمة فى دراسة الميكروبيوم  ،فضلًا لعدة عوامل أخرى  مثل أختلاف الفصائل الحيوانية ، طرق التغذية و بالإضافة إلى التنوع فى البيئات و محدودية المعلومات حول التفاعلات المعقدة بين الميكروبيوم و المضيف  .

و أخيرًا تمثل دراسة الميكروبيوم فى الطب البيطرى  ثورة علمية ،حيث تفتح المجال لطرق جديدة فى الوقاية ، التشخيص ، و العلاج . كما أن الأهتمام بدراسته و تطبيق نتائجه يمكن أن يحسن من صحة الحيوان و رفاهيته، و يعزز الأمن الغذائى العالمى من خلال رفع كفاءة الإنتاج الحيوانى و التقليل من أستخدام المضادات الحيوية ، و من ثمة التقليل من مقاومة الميكروبات للكثير من للمضادات  .و مع الأهتمام العالمى بالصحة الواحدة ، فإن دراسة الميكروبيوم الحيوانى ، تعد ذات أهمية أستراتجية لحماية صحة الإنسان و الحيوان و البيئة على حدٍ سواء.

المراجـــــــــع:

Barko ,P.C.,McMichael,M.A.,Swanson,K.S.,and William,D.A.(2020): the  gastrointestinal microbiome :A review.Journal of veterinary internal Medicine,34(1),9-25.

Khan.,Moore,R.J.,Stanely,D., and Chousalkar ,K.(2021):The gut microbiota of laying hens and its manipulation with prebiotics and probiotics to enhance gut health and food safety.Applied and Environmental Microbiology,87(10).

Li,Y.,Cao,Y., and Zhang,Y.(2024):Advances in microbiome research for livestock health and productivity . Frontiers in Microbiology,15,1123456.

Schoster,A.,Guardabassi,L, and Staempfli,H.R.(2022): The equine intestinal microbiome and its potential role in disease and therapy.Veterinary clinic of North America: Equine Practice,38(1),1-17

World Health Organization (WHO). (2023): One health and antimicrobial resistance.WHO. Report.

Comments are closed.