د إيناس حريص: خطورة مرض «سيدوموناس فلوريسينس» علي الإستزراع السمكي

باحث أول – معهد بحوث الصحة الحيوانية – قسم المعامل الفرعية – المعمل الفرعي بطنطا

يُعدّ الاستزراع السمكي أحد أهم القطاعات الواعدة في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية المستدامة حول العالم. فمع تزايد الطلب على البروتين الحيواني وتناقص المخزون السمكي الطبيعي في البحار والمحيطات نتيجة للصيد الجائر وتلوث البيئة، برز الاستزراع السمكي كحل حيوي لسد هذه الفجوة المتزايدة.

اهمية الاستزراع السمكي:

تتعدد أوجه أهمية الاستزراع السمكي لتشمل جوانب اقتصادية، اجتماعية، وبيئية، وفيما يلي أبرز جوانب أهميته:

• تحقيق الآمن الغذائي:
• يساهم في توفير مصدر مستدام للبروتين الحيواني عالي الجودة وتقليل الاعتماد على الصيد البحري الطبيعي الذي يتعرض للاستنزاف.

٢-دعم الاقتصاد الوطني:

• تُسهم في تقليل الاستيراد وزيادة الإنتاج المحلي.
• تُعد مصدرًا للدخل من خلال تصدير بعض الأنواع مثل القاروص والدنيس.

٣- الجانب الاقتصادي:

• يُعد مشروعًا مربحًا ويوفر دخلاً للمزارعين والصيادين ويخلق فرص عمل في مجالات متعددة

٤- التنمية الريفية:

• يُسهم في تنشيط القرى والمناطق النائية عبر إنشاء مزارع سمكية.

٥- كفاءة التحويل الغذائي:

• تتميز الأسماك بكفاءة عالية في تحويل الغذاء إلى لحم مقارنة بالحيوانات البرية، مما يجعلها خيارًا اقتصاديًا وصديقًا للبيئة.

٦- إنتاج أنواع محددة:

• يتيح الاستزراع السمكي التحكم في أنواع الأسماك المنتجة وتطوير سلالات محسنة، بالإضافة إلى إمكانية إنتاج أنواع غير متوفرة بكميات كافية في المصايد الطبيعية.

المشكلات والتحديات التي تواجه الاستزراع السمكي:

على الرغم من الفوائد العديدة، يواجه قطاع الاستزراع السمكي عددًا من التحديات التي يجب معالجتها لضمان استدامته ومن ابرزها:

١- التلوث:

• الاستخدام المفرط للأعلاف والمضادات الحيوية يؤدي إلى تلوث المياه.
• تصريف مياه المزارع إلى البيئة المحيطة دون معالجة مما يؤثر سلبًا على جودة المياه والنظم البيئية المجاورة.

٢- التحديات الاقتصادية:

• التكاليف الأولية المرتفعة: يتطلب إنشاء المزارع السمكية استثمارات رأسمالية كبيرة في البنية التحتية والمعدات.
• ارتفاع تكلفة الإنتاج: الأعلاف الجيدة والمياه النظيفة تحتاج إلى تكلفة عالية.

٣- سوء الإدارة: ضعف الكوادر الفنية أو نقص التدريب يؤدي إلى انخفاض جودة الإنتاج أو نفوق الأسماك

٤- ندرة المياه وجودتها: في بعض المناطق، يُعد نقص المياه أو ارتفاع ملوحتها عائقًا أمام الاستزراع السمكي.

٥- انتشار الأمراض: يمكن أن يؤدي التركيز العالي للأسماك في مساحات محدودة إلى سرعة انتشار الأمراض البكتيرية والطفيليات أو الفطريات بين الأسماك المستزرعة، وقد تنتقل هذه الأمراض إلى الأسماك البرية مما يؤدي إلى خسائر كبيرة.

الأمراض البكتيرية التي تهدد الإستزراع السمكي

تُعد الأمراض البكتيرية من أخطر التحديات التي تواجه الاستزراع السمكي، ومن أبرز هذه الأمراض إصابة الأسماك ببكتيريا Pseudomonas fluorescens، وهي بكتيريا سالبة الجرام، هوائية، تؤثر هذه البكتيريا على صحة الأسماك وتُسبب خسائر اقتصادية كبيرة في مزارع الأسماك، خاصة أسماك المياه العذبة، غالبًا ما تكون هذه البكتيريا انتهازية، أي أنها تستغل ضعف الجهاز المناعي للأسماك الناتج عن عوامل الإجهاد مثل سوء جودة المياه، التغذية غير السليمة، أو الإصابات الأخرى. لكن من خلال الإدارة السليمة للمزرعة، والاهتمام بجودة المياه، والتشخيص المبكر، يمكن الحد من هذه العدوى والوقاية منها بفعالية.

Pseudomonas fluorescens

• بكتيريا ممرضة للأسماك، تنتمي إلى مجموعة البكتيريا الفلورية.
• تزداد خطورتها عند وجود ظروف غير صحية مثل الاكتظاظ، نقص الأكسجين، أو سوء التغذية.
• تظهر أعراضها على الجلد، الزعانف، الخياشيم، وقد تصل إلى الدم.

الأعراض التي تسببها بكتيرياPseudomonas fluorescens  في الاسماك:

تظهر على الأسماك المصابة بـ Pseudomonas fluorescens مجموعة من الأعراض التي قد تتشابه مع أمراض بكتيرية أخرى كما هو موضح بالشكل الآتي، وتشمل :

• نزيف وبقع حمراء: ظهور بقع حمراء صغيرة (نزيف نقطي) على الجلد، الزعانف، والبطن.
• تقرحات جلدية: تقرحات أو بقع حمراء على الجلد وانسلاخ القشور
• تآكل الذيل والزعانف: تآكل وتهتك في الزعانف واحمرار عند قاعدتها.
• استسقاء البطن – جحوظ العينين (Exophthalmia).
• خمول وفقدان الشهية: تظهر الأسماك المصابة خمولًا، تقل حركتها، وقد تسبح في المستويات الدنيا من الحوض، وتفقد شهيتها للطعام.
• وفاة مفاجئة: في بعض الحالات، قد تؤدي العدوى إلى وفاة الأسماك قبل ظهور أعراض واضحة.
• تلف الأعضاء الداخلية: قد تصاب الكلى والكبد والطحال بتلف، حيث تظهر عليها بقع بيضاء أو رمادية (نزيف/نخر).

أسباب انتشار العدوي في المزارع.

رداءة جودة المياه ووجود فضلات عضوية متراكمة، الازدحام الشديد في الأحواض، نقص التهوية والأكسجين، الإجهاد العام للأسماك بسبب سوء النقل أو التغذية ونقص النظافة والتطهير الدوري للأحواض والأدوات.

طرق الوقاية:

الوقاية هي المفتاح للتحكم في العدوى بـ Pseudomonas fluorescens في المزارع السمكية. وتشمل التدابير الوقائية ما يلي:

١- تحسين جودة المياه:

• الصرف والتجفيف الدوري للأحواض: بعد كل دورة تربية، يجب صرف المياه بالكامل وتجفيف الأحواض وتعريض التربة لأشعة الشمس لمدة لا تقل عن 45 يومًا لقتل البكتيريا والطفيليات. يفضل حرث التربة لضمان التجفيف الكامل.
• تغيير المياه: إضافة مياه عذبة بانتظام لتقليل تركيز الميكروبات والمواد العضوية.
• التهوية الجيدة: استخدام أجهزة التهوية لضمان مستويات كافية من الأكسجين المذاب في الماء.
• معالجة المياه: استخدام تقنيات مثل الترشيح الفائق (Ultrafiltration) أو الترشيح الدقيق (Microfiltration) لتحسين جودة المياه وتقليل مسببات الأمراض. كما يمكن استخدام الأشعة فوق البنفسجية (UV) والأوزون لتطهير المياه.

٢- إدارة التغذية السليمة:

• العليقة المتوازنة: توفير علائق متوازنة غذائيًا لتعزيز صحة الأسماك ومناعتها.
• تجنب الإفراط في التغذية: إزالة أي علف غير مأكول لمنع تراكم المواد العضوية وتحللها، مما يخلق بيئة مواتية لنمو البكتيريا.
• تخزين الأعلاف في أماكن جيدة التهوية علي قواعد.

٣- التحكم في الإجهاد:

• تجنب الكثافة العالية للأسماك في الأحواض، حيث يزيد ذلك من الإجهاد ويقلل من مناعة الأسماك.
• التعامل بحذر مع الأسماك: تقليل الإجهاد الناتج عن عمليات النقل، الفرز، أو أي تعامل آخر مع الأسماك.

٤- الحجر الصحي: عزل الأسماك الجديدة قبل إدخالها إلى الأحواض الرئيسية للتأكد من خلوها من الأمراض.

٥- النظافة والتطهير:

• تطهير الأحواض والمعدات: استخدام الجير الحي لتطهير الأحواض بعد التجفيف. تطهير جميع الأدوات والمعدات المستخدمة في المزرعة بانتظام.
• إزالة الأعشاب والحشائش: إزالة الأعشاب على جوانب الأحواض ومنصات التغذية.
• التخلص من الأسماك النافقة: إزالة الأسماك النافقة فورًا لمنع انتشار العدوى.
• تطبيق اجراءات الأمن والأمان الحيوي في المزارع السمكية.

طرق علاج الإصابة بـ Pseudomonas fluorescens

في حال حدوث الإصابة، يجب البدء بالعلاج على الفور للحد من انتشار المرض وتقليل الخسائر. يجب أن يتم العلاج تحت إشراف بيطري متخصص:

• العزل: عزل الأسماك المصابة في أحواض منفصلة لتجنب انتشار العدوى إلى الأسماك السليمة.
• تحسين ظروف البيئة: تحسين جودة المياه بشكل فوري، مثل تغيير جزء من الماء وتوفير تهوية جيدة، وتقليل كثافة الأسماك إن أمكن.
• المضادات الحيوية: تُعد المضادات الحيوية الفعالة هي العلاج الأساسي. يجب إجراء اختبار حساسية للمضادات الحيوية لتحديد النوع الأكثر فعالية ضد السلالة المحددة من البكتيريا. من المضادات الحيوية التي قد تُستخدم:

* أوكسي تتراسيكلين (Oxytetracycline)

* كاناميسين (kanamycin)

يمكن إعطاء المضادات الحيوية عن طريق الفم (مع العلف) أو عن طريق الحمامات المائية، حسب حالة الأسماك وشدة الإصابة.

• العلاج بالبكتيريا العاثية (Bacteriophage therapy): تُعد هذه الطريقة علاجًا واعدًا وناشئًا، حيث تستخدم فيروسات محددة (البكتيريا العاثية) التي تستهدف وتقتل بكتيريا Pseudomonas دون التأثير على الكائنات الدقيقة المفيدة أو الأنواع المستزرعة.
• البدائل الطبيعية والبروبيوتيك (Probiotics): استخدام البكتيريا النافعة (البروبيوتيك) أو مستخلصات الطحالب والنباتات في علف الأسماك يمكن أن يساعد في تعزيز جهاز المناعة لدى الأسماك ويقلل من فرص الإصابة بالبكتيريا المسببة للأمراض.

تعتبر الإصابة ببكتيريا Pseudomonas fluorescens تحديًا كبيرًا لمربي الأسماك، ولكن من خلال تطبيق استراتيجيات وقائية صارمة، والمراقبة المستمرة، والتدخل العلاجي السريع والفعال، يمكن الحد من تأثير هذه البكتيريا والحفاظ على صحة وربحية مزارع الأسماك.

وفي الختام لابد من معرفة ان المزارع السمكية تمثل أملًا حقيقيًا في تحقيق الأمن الغذائي ودعم الاقتصاد، حيث أن تطوير هذا القطاع يمثل استثمارًا حيويًا في مستقبل الغذاء في مصر والعالم العربي.

References:

Elsayed, N. S.; Fahmy, K. N.; Abou-Okada, M.; Abdelbaky, A. A.; Eltahan, A. A., and Eissa, A. E.(2024) Major Bacterial Challenges Facing Nile Tilapia (Oreochromis niloticus) in Egyptian Fish Hatcheries.  Journal of Applied Veterinary Sciences, 9 (2), 1304.

Enas, A.K. and Eman,M. (2022): Trying to use antibiotics alternative to raise immune efficiency and growth performance in Tilapia nilotica. Assuit vet. Med. J., 68 (172):44-67.

 

Zhang,W.W.; Hu, Y.H.; Wang, H.L. and Sun, L. (2009): Identification and characterization of  a virulence- associated protease from a pathogenic Pseudomonas fluorescens Strain. Veterinary Microbiology,139(1-2): 183-188.