ift

د سمر حمدي تكتب: اكاسيد الزنك النانومترية وتقنية النانو الخضراء

باحث اول- وحدة بحوث وإنتاج مواد نانومترية – معهد صحة الحيوان – مركز البحوث الزراعية – مصر

تعد تكنولوجيا النانو من أكثر المجالات الواعدة في الحقبة الزمنية الأخيرة وتتقدم بشكل كبير. تُستخدم المواد النانومترية في الصناعات الدوائية ومستحضرات التجميل والمنسوجات و الصناعات والإلكترونية. المواد النانومترية هي منتجات تتم معالجتها من المواد الاولية وتحويلها الي مواد ذات مقياس يتراوح من 1 إلى 100 نانومتر مثل الألومنيوم والنيكل والفضة والنحاس وأكسيد النحاس والحديد وأكسيد الحديد وثاني أكسيد السيريوم والايتريم وثاني أكسيد التيتانيوم وأكسيد الزنك وتستخدم بشكل شائع.

يمكن تحضير جسيمات النانو من خلال العديد من الطرق الفيزيائية والكيميائية والخضراء باستخدام مستخلص نباتات او مشتقات نباتية ، ولكن الطرق الفيزيائية والكيميائية لها عيوب كثيرة، وينتج عنها مواد كيميائية سامة وخطيرة، مما قد يؤدي إلى تلوث البيئة. لزم الامر تطوير طرق آمنةً واقتصاديةً وأقل خطورةً لتصنيع هذه المواد، وهي الطريقة الخضراء.

من بين جميع أكاسيد المعادن، نالت جسيمات أكسيد الزنك النانومترية باهتمامٍ كبير نظرًا لانها تتمتع بالامان وقلة تكلفتها في التصنيع. وقد صُنّفت اكاسيد الزنك النانومترية كأحد أكثر أكاسيد المعادن أمانًا واستخداما من قِبل إدارة الغذاء وهيئة الدواء الأمريكية ولـها العديد من التطبيقات في المجالات الهندسية والتجميل والطبية بجانب انشطتها كمضادات للميكروبات البكتيرية والفيروسية والفطرية وكمضادات للالتهاب والاكسدة.

تدعم تقنية النانو الخضراء تصنيع جزيئات الزنك النانومترية باستخدام مستخلصات اوراق النباتات والزهور والبذور والفواكه والقشرة والجذور وغيرها من اجزاء النباتات. علي سبيل المثال استخدام الصبار، اوراق الشاى وقشر الرمان وقشر البطيخ واوراق جوز الهند وجذور الجذر واوراق القرفة.

تتمتع اكاسيد الزنك النانومترية بالتوافق الحيوي مما يعني انها غير ضارة علي الكائنات الحية مما يجعلها مثالية للاستخدام في التطبيقات الطبية بالاضافة الي خصائص فريدة تعود الي زيادة التفاعل ومساحة السطح والشحنات الكهربائية مما يجعلها مناسبة لمختلف التطبيقات. يمكن استخدام اكاسيد الزنك النانومترية لمعالجة التربة والمياه الملوثة وازالة المعادن الثقيلة من المياه الملوثة.

 

يعد تطور مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية من أكثر المعوقات تواجدا في المجال الطبي. ومن الطرق المبتكرة لمواجهة مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية استخدام مواد نانومترية بطرق خضراء صديقة للبيئة وامنة. وقد أظهرت العديد من الدراسات، القدرات العالية المضادة للبكتيريا لاكاسيد الزنك النانومترية للبكتيريا موجبة الجرام وسالبة الجرام  مثل بكتيريا الإشريكية القولونية والمكورات العنقودية الذهبية والسيدوموناس.

وعلي الرغم من ان المضادات الحيوية تعد المعيار الذهبي في علاج العديد من الامراض البكتيرية، وعلي الرغم من ذلك تستطيع الميكروبات تطوير مقاومتها للمضادات الحيوية. وتتحقق مقاومة المضادات الحيوية في البكتيريا من خلال اليات مختلفة مثل منع اختراق الدواء للخلية الحيوية والتعطيل الانزيمي لفاعلية المضادات الحيوية والافراز النشط للمضاد الحيوي خارج الخلية وما الي ذلك.

تعود اليات عمل اكاسيد الزنك النانومترية الي تعطيل غشاء الخلية والارتباط ببروتينات الخلية والحمض النووي وتوليد الشطائر الحرة داخل الخلية وتوليد الاكسجين النشط التفاعلي واضطراب الجيني للخلية مما يعطيها القدرة علي مقاومة البكتيريا سالبة وموجبة الجرام بجانب الفيروسات والفطريات.

تتجه ثورة التكنولوجيا الخضراء لاستخدام مواد طبيعية امنة وصديقة للبيئة وتحويلها الي مواد نانومترية والاستفادة من خصائصها ولكن في حجم المواد النانومترية وخاصة اقل من 100 نانومتر حتي يتسني لها الارتباط باكبر مساحة سطح من الخلايا المصابة او الخلايا البكتيرية.

ومن ثم فتعد ثورة تكنولوجيا النانو الخضراء باستخدام مواد طبيعية وتحويلها من المايكرومتر الي النانومتر طفرة جديدة في المجال الطبي وامل جديد ضد الامراض التي عجزت المضادات الحيوية التقليدية عن ايجاد حلول لها سواء منعها من الحدوث او علاجها علي المدي الطويل.

 

Comments are closed.