ift

«صحة الحيوان» يكشف تفاصيل إنشاء العيادات البيطرية الإليكترونية

انتشرت  فكرة العيادات البيطرية الإلكترونية، بكليات الطب البيطرى ببعض الجامعات المصرية والعربية مؤخرًا، وعمل تحويل رقمى لبعض الخدمات التى تقدمها العيادات البيطرية التقليدية لتصبح خدمات إلكترونية عبر شبكات الهاتف المحمول والإنترنت.

وتوفر هذه التقنية خدمة طبية أفضل بتكلفة أقل ضمن عيادة تقليدية أو كينونة مستقلة قائمة على الذكاء الاصطناعى والتعلم الآلى وتقنية الجيل الرابع وما بعدها للاتصالات وإنترنت الأشياء.

فريق المحاكاة الحيوية الجزيئية بمعهد بحوث الصحة الحيوانية فى مركز البحوث الزراعية، أجرى دراسة مهمة أعدها الباحثون أشرف وحسام عزالدين محمد سيور، وإيهاب عدلى شهدى جندي، وهانى فكرى محمد رجائي، استهدفت التركيز على العيادة البيطرية الإلكترونية كطفرة فى الرعاية الصحية البيطرية الافتراضية، وكتقنية حديثة فاعلة من المستشعرات المتصلة بالحيوان، يستخدمها الأطباء البيطريون وأصحاب المزارع وأصحاب الحيوانات الأليفة فى المنزل لمراقبة صحة الحيوانات والعناية بها عن بُعد على مدار الساعة بتكلفة أقل، ضمن عيادة تقليدية أو كينونة مستقلة قائمة على الذكاء الاصطناعى والتعلم الآلى وتقنية الجيل الرابع وما بعدها للاتصالات وإنترنت الأشياء.

وتقول الدراسة إن العيادة الإلكترونية الذكية قد تأخذ شكل معمل صغير مثبت على الهاتف الذكي، لاستقبال العينة من الحيوان وتجهيزها للكشف والتحذير المبكر ضد الأمراض، فى نفس الوقت مع تقديم مختلف الخدمات الطبية البيطرية عن بُعد ومتابعة الحيوانات وكتابة التقارير، وتخزين كم هائل من البيانات فى قواعد بيانات عملاقة ومعالجتها للاستفادة منها على الشبكة العنكبوتية، وأنه من أهم المزايا توسيع مجال الخدمة البيطرية المتميزة بإتاحة الزيارات الافتراضية من أى مكان مما يوفر الوقت للأطباء البيطريين وأصحاب الحيوانات.

كما تساعد على إتاحة العمل من المنزل للأطباء البيطريين، وتشير الدراسة أيضاً إلى دور المعمل البيطرى المركزى كهيئة بحثية حكومية فى رقمنة الصحة الحيوانية الذى يشمل إنتاج المستشعرات من الجيل الرابع لتكون نواة لعيادة بيطرية ذكية ومواجهة التحديات التى تحول دون تحقيق هذا الهدف القومى بمساعدة أجهزة الدولة ذات الصلة.

وتؤكد الدراسة أن الأطباء البيطريين جزءًا لا يتجزأ من الصحة العالمية، وأدوارهم متنوعة لا تتعلق فقط بصحة الحيوانات ورفاهيتها بل أيضًا بالوقاية من الأمراض حيوانية المنشأ ومكافحتها لحماية الإنسان، مضيفة أن العيادة البيطرية المتنقلة من المصطلحات القديمة، وتعرف بالإسعاف البيطرى وهى عبارة عن سيارات مجهزة بالمعدات الأساسية للكشف مثل سماعة الطبيب وميزان الحرارة ومنظارى العين والأذن، ومستلزمات وأجهزة التحاليل مثل حاويات جمع العينات والمحاقن ومجهر، إلخ، بالإضافة لمعدات الجراحة والولادة واللقاحات والأدوية شائعة الاستخدام وذلك لتقديم الخدمات البيطرية فى الحقل مباشرة.

وتضيف الدراسة أن الرعاية الصحية البيطرية الافتراضية، هى امتدادًا للممارسة البيطرية باستخدام أحد أشكال التكنولوجيا لتقديم رعاية صحية فعّالة عالية الجودة عن بُعد، مثل متابعة ما بعد الجراحة ومراقبة الرعاية طويلة الأجل، والمشاكل الجلدية وسلوكيات الحيوان وتدريبه وغيرها عن طريق الرسائل النصية والرسائل المصورة والبريد الإليكتروني، ومكالمات الفيديو وصولاً إلى استخدام التطبيقات والأجهزة القابلة للارتداء على جسم الحيوان.

وتؤكد أنه حسب تعريفات الجمعية الطبية البيطرية الأمريكية، فإن الرعاية الصحية البيطرية عن بُعد، تعنى التقنيات والخدمات الإلكترونية والاتصالات السلكية واللاسلكية المستخدمة لتوفير الرعاية والخدمات غير السريرية عن بُعد، مثل تقديم المعلومات الصحية والإرشاد والاستشارات بين الأطباء البيطريين لتبادل الرؤى ووجهات النظر أو بين العميل والطبيب البيطري، كما تشير أيضًا إلى التطبيب البيطرى عن بُعد وهو اتصال إلكترونى مُحدد بين الطبيب البيطرى والعميل لتقديم الخدمات السريرية عن بُعد لحيوان بعينه، وبذلك تختلف الرعاية الصحية عن بُعد عن التطبيب عن بُعد فى أنها تشمل نطاق أوسع من الخدمات، ومازالت الرعاية الافتراضية محدودة للأسف رغم أن التطبيب عن بُعد يمكن أن يكون بنفس القدر من الفعالية فى تشخيص أمراض الجهاز التنفسى مثلاً عند مقارنته بالزيارات التقليدية للعيادة أو المستشفى خاصة فى المناطق التى يكون فيها الوصول إلى الرعاية محدوداً بسبب البعد الجغرافى أو نقص الموارد.

وتوضح الدراسة المفهوم الصحيح للعيادة البيطرية الإلكترونية، بأنها مجموعة مستشعرات متصلة مباشرة مع الحيوانات تراقب وتجمع بيانات مستمرة عن حالتها الصحية وترسلها بدورها مع بيانات عن موقع الحيوان، وأى معلومات أخرى من خلال تقنية الجيل الرابع للاتصالات إلى الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية أو أجهزة الكمبيوتر المحمولة، حيث تتم معالجة تلك البيانات واتخاذ القرارات الصحية فى الوقت الفعلى بواسطة خوارزميات التعلم.

وتشير الدراسة إلى أن العيادة الإلكترونية الذكية، قد تأخذ شكل معمل صغير مثبت على الهاتف الذكى به مكان لاستقبال وتجهيز العينة من الحيوان، وقد يكون المستشعر فى هذه الحالة هو كاميرا الهاتف ذاته التى تحل محل مقياس الطيف الضوئى لتسجيل وتحليل صورة نتيجة الفحص، وذلك للكشف والتحذير المبكر ضد الأمراض خاصة المعدية، تفاديًا لانتشار الأوبئة، وفى حال اكتشاف أى أمر غير طبيعى فإنه يتم تنبيه الطبيب البيطرى المختص أو استدعائه على مدار الساعة للتدخل الفوري، أو تقديم الإرشادات عن بعد أو إبلاغ السلطة البيطرية (المتمثلة فى الهيئة العامة للخدمات البيطرية) فى حالة الأوبئة والأمراض واجبة الإبلاغ وما أكثرها مع تقديم مختلف الخدمات الطبية البيطرية عن بعد، مثل التحاليل والتصوير بالأشعة والعلاج والاستشارات وإعادة التأهيل ومتابعة الحيوانات وكتابة التقارير وتخزين كميات بيانات مهولة بقواعد ضخمة ومعالجتها بسرعة فائقة للاستفادة منها بواسطة تطبيقات حاسوبية لإدارة واستضافة المعلومات على الشبكة العنكبوتية، إما فى موقع إلكترونى أو فى بنية خادم سحابى مما سيساعد على توفير علاج أفضل للحيوانات من خلال توقع احتياجاتهم قبل ظهورها.

مزايا العيادة البيطرية الإليكترونية الذكية

وتوضح الدراسة أن مصر ومعظم الدول العربية، تعانى نقصًا فى الثروة الحيوانية، ما يضطرها لاستيراد كميات كبيرة من الحيوانات الحية واللحوم والألبان ومشتقاتها لسد الفجوة الغذائية، وأن تلك المعاناة نتيجة اقتصار رعاية الحيوانات على الطرق التقليدية، وعدم تحسين سلالاتها وراثياً وعدم السيطرة على الأمراض والتغيرات المناخية الحالية بشكل جيد، وهو ما يستدعى الاستعانة بكل جديد من شأنه حل هذه المشاكل وصولاً إلى الاكتفاء الذاتى وتصدير الثروة الحيوانية لتصبح داعمة للاقتصاد القومى بدلاً من كونها عبئاً عليه.

وتؤكد الدراسة أنه من فوائد الاستعانة بالعيادة البيطرية الذكية، أنها تسهل المسح الوبائى للعديد من الأمراض ربما فى وقت واحد، وهو ما يدعم النظام العالمى لمعلومات صحة الحيوان، الذى هو بمثابة المنصة المرجعية التكنولوجية الرائدة للإبلاغ عن الأمراض الحيوانية والتى تتبناها المنظمة العالمية لصحة الحيوان.

ومن أهم مزايا العيادة البيطرية الذكية توسيع قاعدة الخدمة الطبية البيطرية المتميزة، لتصل إلى المناطق النائية بإتاحة الزيارات الافتراضية عن بُعد من أى مكان دون الحاجة إلى السفر، مما يوفر وقتاً ثميناً لكل من الأطباء البيطريين وأصحاب الحيوانات كما يحد من انتشار الأوبئة الناتجة عن الاختلاط بين الحيوانات.

بالإضافة للأمراض المشتركة مع الإنسان، وكذلك الحد من انتشار العدوى بأمراض مثل الإصابة بالفيروس التاجى كوفيد 19 بين أصحاب الحيوانات، وتماشيًا مع نداء الدولة بل والعالم لرقمنة الخدمات خاصة فى حالة الغلق الكامل عند تفشى الأوبئة لا قدر الله، كما تساعد العيادات الذكية الأطباء البيطريين على التعامل بسرعة مع المشاكل الطبية البسيطة والمباشرة وإعطائهم الوقت للتعامل مع الحالات الأكثر تعقيدًا، دون تعطيل أصحاب الحيوانات وطول انتظارهم، وإتاحة العمل من المنزل.

رقمنة الصحة الحيوانية

وأضافت الدراسة أن المعمل البيطرى المركزي، له دور مهم فى رقمنة الصحة الحيوانية، حيث تم تكوين فريق بحثى متعدد التخصصات تحت مسمى «فريق المحاكاة الحيوية الجزيئية» يضم خبراء بارزين من كل من المعهد وبعض معاهد مركز البحوث الزراعية والهيئة العامة للخدمات البيطرية وكليات الهندسة بالإضافة إلى التعاون مع مؤسسات علمية دولية مرموقة، ويقوم هذا الفريق البحثى المتميز بتصميم وتطوير كل ما يلزم لتأسيس عيادة بيطرية إلكترونية بمفهومها الواسع بتكنولوجيا محلية على عدة مراحل.

وأوضحت أن المعهد بالفعل بدأ منذ عام 2009 بتبنى فكرة الحلول المتكاملة باستخدام الأنظمة الذكية من الجيل الثاني، المعتمدة على العنصر البشرى (المجموعات التشخيصية السريعة ذاتية التفسير والأجهزة الحقلية المحمولة)، وكذلك من الجيل الثالث المعتمدة على بضع أفراد تراقب الأنظمة اللاسلكية، وذلك بابتكار أربعة مجموعات تشخيصية للأسماك للكشف عن الأس الهيدروجينى (درجة الحموضة) والأمونيوم الكلى والنيترايت والنترات لمراقبة جودة مياه المزارع السمكية التقليدية المفتوحة والحديثة، القائمة على الهندسة الزراعية الدقيقة المدمجة والمتكاملة، حيث تنادى الهيئات الدولية الزراعية والتنموية والتجارية، إلى تعظيم الاستفادة من المصادر الطبيعية كالمياه والأراضى الزراعية والثروة الحيوانية بالإدارة الذكية لسد الفجوة الزراعية المحتملة فى عام 2050 أو 2064 رغم تضاعف الإنتاج الزراعى والثروة الحيوانية ثلاثة أضعاف، ولكنه لايتناسب مع الزيادة السكانية المضطردة فى جميع بقاع العالم، مما دعا إلى التحول الرقمى فى الزراعة واستراتيجية 2030 لمضاعفة الإنتاج بنفس المصادر الطبيعية المتاحة.

وتشير الدراسة إلى أن فريق المحاكاة الحيوية الجزيئية، حرص على تطوير مُخرجات الأبحاث القائمة على تقنيات الجيل الرابع من الصناعة لخدمة المجتمع، وخاصة أن الثروة الحيوانية على مستوى العالم مملوكة لصغار المربين الذين يُشكلون أكثر من 80% من تعداد هذه الثروة، ونظراً لكونهم يحتاجون لتبسيط هذه التقنيات المتقدمة، فقد صمم هذا الفريق البحثى نماذج لثلاثة أنماط من هذه التقنيات المتقدمة، لخدمة الاستزراع السمكى والداجنى والماشية لتعظيم الاستفادة من وحدة المياه، وتوفيرها لإنتاج الألبان ضمن المبادرة الرئاسية لإنشاء ودعم مراكز تجميع الألبان، مما حدا بفريق المحاكاة الجزيئية لأول مرة لإفراز تقنيات قائمة على التصميم والتطوير والتصنيع المحلى للمستشعرات كمكون رئيسى فى منصات الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته.

وتؤكد الدراسة أنه تم البدء منذ عام، فى إرساء قواعد عيادة بيطرية ذكية لتشخيص الإجهاض المعدى الناتج عن الإصابة بالبروسيلا، الذى يُعد واحداً من أهم الأمراض الحيوانية المعدية التى تهدد العديد من الثدييات البرية والبحرية خاصة المجترات على مستوى العالم، وقد تنتقل للإنسان مسببة الحمى المالطية، وهو أحد الأمراض التى يجب الإبلاغ عنها، وستحقق تلك الطفرة اختزال الوقت اللازم لجمع وتجهيز العينة دون تدخل بشري.

وأعلنت الدراسة أن الأجهزة المعنية بالدولة تقدم دعما ماديا ومعنويا للابتكار، وتحتضن الأفكار الواعدة، وتربط البحث العلمى بالصناعة والتجارة لتطوير تكنولوجيا الجيل الثالث المتاحة حالياً إلى تكنولوجيا الجيل الرابع، لتصبح متاحة فى سلسلة المجمعات المتكاملة للإنتاج الحيوانى.

وأوضحت الدراسة، أن مصر تسعى لتوطين صناعة المستشعرات التشخيصية من الجيل الصناعى الرابع من أحدث التقنيات التشخيصية التى يمتلكها عدد محدود من الدول المتقدمة، بهدف رفع كفاءة تشخيص الأمراض بسرعة ودقة، وصولاً إلى تنمية حقيقية للثروة الحيوانية، ولهذا السبب فقد أطلقت المبادرة الرئاسية «مصر تصنع الإليكترونيات» لمضاعفة تصدير الإلكترونيات المصرية والنهوض بالاقتصاد القومي. وأن المطاف لا ينتهى عند تكنولوجيا الجيل الرابع فقط بل يمتد لتكنولوجيا الجيل الخامس المعتمدة تمامًا على الواقع المُعزز والذكاء الاصطناعى للتحكم فى صناعة الثروة الحيوانية بشكل مكثف واحترافى مع أقل تدخل للعنصر البشري.

تحديات تهدد مستقبل العيادة البيطرية الذكية

وتضيف الدراسة أن الأمر لا يخلو من التحديات، وعلى رأسها الحاجة إلى معدات واستثمارات فى مجال التكنولوجيا وتدريب لمقدمى ومستقبلى الخدمة الجديدة، على استخدامها، كما أنه حتى وقتنا الحالى لا توجد مستشعرات لجميع الأمراض ولا يمكن تشخيص كل الأمراض والاضطرابات عن بُعد، ومن التحديات أيضاً ما يُعرف بحماية البيانات وأمن الفضاء الإلكترونى الذى يجب أخذه بعين الاعتبار ناهيك عن سوء الاتصالات فى بعض الأماكن النائية.

خلاصة الدراسة

وخلصت الدراسة إلى أن الرعاية الصحية البيطرية السليمة تحتاج للاستعانة بكل الوسائل المتاحة والمستجدات، فى مجال التشخيص والعلاج، وأنه رغم التحديات الراهنة ستنتشر العيادات البيطرية الذكية تباعًا كأحد الأدوات الناجزة للطب البيطرى الحديث، وهو ما يؤكده تبنى الدولة للرقمنة ودعم مشاريعها، وسيكون السبق لمقدمى تلك الخدمات الصحية الإليكترونية فى اللحاق بركب التطور المتسارع.

1 Comment
  1. […] الدكتور خالد سليم النقيب العام للأطباء البيطريين، الدكتور محمد معيط ‏وزير المالية  إعادة النظر في […]

Leave A Reply

Your email address will not be published.