د وفاء فاضل تكتب : الاستزراع السمكي في ظل التنمية المستدامة
في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة، أصبح تحقيق التنمية المستدامة ضرورة ملحة لضمان استمرارية الحياة على كوكب الأرض، ومن بين القطاعات التي تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق هذه الأهداف، يأتي الاستزراع السمكي كواحد من أهم السبل المستدامة لتلبية احتياجات الغذاء العالمية والحفاظ على الموارد المائية . الاستزراع السمكى يعد أحد أهم وسائل النهوض بالثروة السمكية وتنميتها لما تمتلكه مصر من مقومات إنتاجية.
الإستدامة في الإستزراع السمكي
الإستدامة في الإستزراع السمكي هي عملية تربية الأسماك والأحياء المائية بطريقة تحافظ على البيئة الطبيعية حيث تعمل هذه الصناعه على تلبية احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية من المصادر الغذائية البروتينية من خلال تربية أنواع مختلفة من الأسماك، وبالتالي تخفيف الضغط على مصادر الصيد البحري والمحيطات دون استنزاف الموارد. الاستزراع السمكي المستدام يعزز التنوع البيولوجي ويحمي النظم البيئية المائية من التلوث والإجهاد البيئي.
ما هو الاستزراع السمكي و أهميته
الاستزراع السمكي هو عملية تربية وتكاثر الأسماك والكائنات المائية الأخرى في بيئة مُخصصة ومُراقبة، مثل الأحواض الاصطناعية أو البرك المائية أو الأقفاص العائمة في المياه الطبيعية.
وتتمثل أهميه الاستزراع السمكي في أنه يلعب دورًا حيويًا في تحقيق التوازن بين تلبية احتياجات البشر والحفاظ على البيئة المائية، مما يعزز من فوائد الاستزراع السمكي من النواحي البيئية والاقتصادية والاجتماعية حيث يلعب الاستزراع السمكي دورًا حيويًا في تلبية الطلب على الأسماك وتوفير مصدر مستدام للبروتين، يسهم في تحسين الأمن الغذائي للمجتمعات من خلال توفير مصدر ثابت ومستدام من البروتين الحيواني، حماية موارد الأسماك البرية حيث يلعب الاستزراع السمكي دورًا في تقليل اعتماد البشر على الصيد الجائر و الغير مشروع والمساهمة في الحفاظ على توازن النظم البيئية المائية. يساهم الاستزراع السمكي في تحسين الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص العمل حيث يخلق الاستزراع السمكي فرص عمل في المجتمعات الساحلية والريفية، سواء في عمليات التربية نفسها أو في عمليات الإنتاج والتسويق.
المبادئ الأساسية للاستدامة في الاستزراع السمكي:
- اختيار الأنواع السمكية المناسبة التي تتماشى مع البيئة ولا تضر بالنظام البيئي.
- تقليل استهلاك المياه من خلال أنظمة إعادة تدوير المياه أو أنظمة الأحواض المغلقة.
- تقليل الاعتماد على الأعلاف السمكية، واستخدام بدائل نباتية أو مصادر بروتين أخرى مستدامة مثل الحشرات والطحالب.
- تقليل التلوث والنفاياتمن خلال أنظمة الفلترة وإعادة التدوير تساعد في منع تلوث المياه المحيطة.
- تقليل أو تجنب استخدام المضادات الحيوية والمبيدات الكيميائية التي قد تؤثر على البيئة والمستهلكين.
- منع الإفراط في استغلال نوع معين، وضمان وجود تنوع في الأنواع المستزرعة وتجنب الاعتماد على أنواع معينة قد تؤثر سلبًا على النظام البيئي إذا حدث هروب للأسماك إلى المصايد الطبيعية.
دور التكنولوجيا والابتكار في الاستزراع السمكي المستدام
التكنولوجيا والابتكار تلعبان دورًا حاسمًا في تطوير وتحسين صناعة الاستزراع السمكي المستدام من خلال تحسين كفاءة الإنتاج وتقليل التأثيرات البيئية السلبية، أمثله على ذلك:
- الابتكار في التصميمات الهندسية للأحواض مثل أنظمة الاستزراع المغلقة أو الدوائر المتكاملة و المتحكمه تماما في بيئة الأسماك. يمكن من خلالها فصل الأنواع المختلفة من الأسماك. و أيضا تطوير مزارع بحرية في أعماق البحار أو الأنهار التي لا تؤثر سلبًا على النظام البيئي البحرى.
- التحكم الكامل في مستويات الأكسجين و درجات الحرارة من خلال تقنيات مراقبه متقدمه تشمل أجهزة الاستشعار عن بعد لرصد جوده المياه للحفاظ على ظروف مناخية مناسبة لنمو الأسماك على مر الفصول السنوية.
- أيضا تم أدخال طرق جديده تعيد تدوير المياه والفضلات حيث أصبحت النفايات تستخدم كمواد عضويه لإنتاج الأسمدة و بتالي تعمل على تقليل أخطار الأمراض و أنتشارها.
- استخدام التقنيات الوراثية لتطوير أنواع سمكية مقاومة للأمراض والظروف البيئية القاسية.
- استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات: يساهم هذا في تحسين عمليات التنبؤ واتخاذ القرارات الاستراتيجية بناءً على تحليل البيانات الكبيرة وتجميع المعلومات.
- تغذية محسنة من خلال تطوير أنواع جديدة من الأعلاف المستدامة والمحسّنة غذائيًا، لتلبيه احتياجات الأسماك وتحسين نموها وصحتها دون تلويث المياه.
- استخدام تقنيات تربية متعددة الاستخدامات مثل نظام الاستزراع المرتفع العائم الذي يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على البيئة المحيطة ويمكن استغلاله لأغراض أخرى مثل زراعة الطحالب.
التطورات في منظومة الاستزراع السمكي
- أنظمة الاستزراع متعددة المراحل: حيث يتم دمج تربية الأسماك مع المحاصيل الزراعية، كما في نظم الزراعة المائية، حيث تُستخدم فضلات الأسماك كسماد للنباتات، مما يخلق دورة إنتاج متكاملة.
- تربية الأسماك في المياه قليلة الملوحة: تطوير تربية أنواع معينة من الأسماك في بيئات مائية ذات ملوحة منخفضة، مما يقلل الضغط على المياه العذبة ويتيح إنتاج الأسماك في مناطق بعيدة عن البحار.
الإستزراع البحرى: هو عملية تربية الكائنات البحرية في بيئات مائية مُسيطر عليها لتوفير مصادر غذائية مستدامة وزيادة العائد الاقتصادي. يُسهم في تقليل الضغط على الموارد البحرية الطبيعية ودعم الاقتصاد المحلي.
الأكوابونيكس: هو نظام زراعي مائي متكامل يجمع بين تربية الأسماك وزراعة النباتات بدون تربة في بيئه واحدة، عبر استفادة النباتات من فضلات الأسماك كسماد أما النباتات فتحقق للأسماك البيئة الصالحة للعيش. وهناك طرف ثالث مهم وهو الميكروبات أو بكتيريا النترتة التي تحول الأمونيا الخارجة من فضلات الأسماك إلى نترات عبر أكسدة أيونات النتريت. وعبر النترات تصبح دورة النيتروجين صالحة لنمو النباتات ، مما يساهم في استدامة الموارد وتحقيق إنتاج غذائي فعال
نظام البيوفلوك: هو نظام لأزاله النفايات من المياه و تحويلها الى بروتين حيوي قابل للاستهلاك من قبل الأسماك، مما يحافظ على البيئة ويقلل من استهلاك المياه والتكاليف.
التحديات التي تواجه الإستزراع السمكي المستدام
أولا التغير المناخي حيث يؤثر على الاستزراع السمكي بشكل كبير مثال ع ذلك ارتفاع درجه حراره المياه و مستوى حموضه المياه يؤثر على نمو و نشاط الاسماك و الكائنات البحرية و من الممكن ان تؤدي إلى انتشار أمراض جديدة وزيادة في انتشار الطفيليات الضارة. تغيرات في مستوى سطح البحر كارتفاع مستوى سطح البحر يمكن أن يؤثر على مواقع الاستزراع السمكي القريبة من السواحل، مما يتطلب إعادة التفكير في المواقع وتنظيمها. انخفاض توافر المياه العذبة النظيفة قد يؤثر على جودة مياه تربية الأسماك وقدرتها على التكيف مع الظروف المتغيرة.
ثانيا نقص الموارد الطبيعية مثل المياه العذبه و الأراضي الساحلية و هذا يزيد من التحدي في توسيع ممارسات الاستزراع السمكي.
ثالثا زياده الطلب على الأسماك حيث يشكل ضغط على النظام لإنتاج أكبر كميه من الأسماك مما يؤدي إلى ممارسات غير مستدامة إذا لم يتم تنظيمها بشكل جيد.
وفي الختام يشكل الاستزراع السمكي فرصة مهمة لتحقيق التنمية المستدامة والمحافظة على البيئة حيث يكون أحد الأعمدة الهامه لدعم الاستدامه، حيث إن توجيه جهودنا نحو تطوير وتنفيذ مشاريع استزراع سمكي تستند إلى مبادئ التنمية المستدامة يمكن أن يحقق فوائد عديدة، وبفضل اعتماد أساليب استزراع مستدامة، يمكن للصناعة توفيرالبروتين الحيواني بشكل أمن و الاستفاده القصوى من كل المصادر المتاحة وتحقيق الأمن الغذائي بالتوازي، ومع ذلك يساهم الاستزراع السمكي في تخفيف الضغط على المصادر الطبيعية وحفظ التوازن البيئي، مما يحمي التنوع البيولوجي ويحافظ على صحة النظم البيئية المائية.
عن كاتب المقال:
د وفاء فاضل عبد المجيد علي – باحث أمراض أسماك معمل المنصورة الفرعي – 01069004067
Comments are closed.