ift

د سمر حمدي : بدائل علاج داء القطط وتقنية النانوتكنولوجي

 باحث اول وحدة بحوث وانتاج مواد نانومتريةمعهد بحوث الصحة الحيوانية

ينتج داء القطط او المقوسات عن عدوى طفيلية بطفيل   Toxoplasma Gondii ويؤثر علي عدد كبير من الاشخاص حول العالم وقد يعيش في جسم الحيوان والانسان لفترات طويلة مسببا اعراضا مرضية خطيرة خاصة في النساء الحوامل او اصحاب المناعة الضعيفة ودون اعرض ظاهرة في ذوي المناعة القوية.

يتنقل داء المقوسات بطرق مختلفة تعتمد في الاساس علي وصول الطفيل للجهاز الهضمي مثل تناول اللحوم او الاطعمة الملوثة بالطفيل غير المطهوة جيدا، تلوث الايدي بالطفيل نتيجة التعامل مع اللحوم الملوثة ثم تناول اي شىء بالايادي الملوثة، تلوث ادوات المطبخ ببقايا اللحوم والاطعمة الملوثة، شرب المياه الملوثة، تناول طعام او خضراوات ملوثة ببراز الحيوانات المصابة بالطفيل عن طريق الخطا، انتقال المرض من الام الي الجنين خلال فترة الحمل.

أعراض داء القطط

تظهر أعراض داء القطط في الحيوانات، وخاصة القطط ضعيفة المناعة وصغيرة السن، بشكل متنوع وقد تشمل خمولًا، وفقدانًا للشهية، ونقصانا في الوزن، وحمى، وإفرازات من العين والأنف، واعراض تنفسية، وتقرحات في الفم، وتضخمًا في الغدد الليمفاوية. في الحالات شديدة العدوي، يمكن أن تؤثر العدوى على الدماغ والرئتين، مما يؤدي إلى مشاكل عصبية ورئوية.

تظهر اعراض داء المقوسات في الاشخاص ذوي المناعة الضعيفة او النساء الحوامل متمثلة في تورم الغدد الليمفاوية، الام بالعضلات، حمي، صداع، الطفح الجلدي وصعوبات التنفس والام العين والتاثير علي درجات الوعي في حالة الاصابة الشديدة.

تشخيص المرض

يعتمد تشخيص داء المقوسات علي قياس الاجسام المضادة له في الدم ويوجد نوعين من الاجسام المضادة لطفيل المقوسات احدهما يدل علي الاصابة بالمرض في وقت سابق وقدرة الجهاز المناعي علي التعامل معه، النوع الثاني يدل علي وجود عدوي نشطة.

يعتمد علاج داء المقوسات علي استخدام بعض الادوية المضادة للطفيل وتعتمد الجرعة ومدة العلاج علي شدة المرض ومدي العدوي. يمكن علاج الطفيل بادوية متنوعة ومن الممكن استخدام نوعين مع بعضهما مثل دواء بيريميثامين، سلفاديازين، كلينداميسين، أزيثرومايسين والتي من الممكن ان تسبب اعراضا جانبية خطيرة بجانب مقاومة الجسم للمضادات الحيوية مما يجعلها تفقد فاعليتها في السيطرة علي العدوي .

تواجه المضادات الحيوية المتعارف عليها العديد من العيوب تبدا من الاثار الجانبية الناتجة عن زيادة الجرعة او عدم الالتزام بها مما يؤدي الي حدوث مقاومة خاصة من الميكروبات المعوية والسمية ايضا والتفاعلات الدوائية مع ادوية اخري.

تأثير مرض داء القطط علي أجهزة جسم الإنسان

تتمثل الاثار الجانبية علي الجهاز الهضمي كالغثيان والقيء، الإسهال أو الإمساك والم المعدة والانتفاخ. الاثار الجانبية علي الجهاز العصبي تتمثل في الصداع والدوخة و التشنجات والاثار النفسية. الاثار الجانبية علي الكبد والكلي والدم والجلد والجهاز التنفسي. على الرغم من فعالية مضادات الطفيليات التقليدية، فإن هذه الأدوية تأتي مع مجموعة من الآثار الجانبية التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على صحة الانسان.

وياتي دور تكنولوجيا النانو في ايجاد حلول فعالة ومبتكرة للتغلب علي هذه المشكلات، عند تحويل الزيوت الطبيعية يضاف الي خصائصها صغر الحجم، زيادة مساحة السطح، شحنات كهربائية علي السطح وغيرها من الخصائص التي تعظم الاستفادة من استخدامها بالمقارنة بحجمها بالمايكرومتر.

تقنيات النانو والسيطرة علي داء القطط

أظهرت الدراسات المعملية (in vitro) أن الجسيمات النانوية من الذهب ، الفضة  والبلاتين  تقلل من نمو الطفيلي بنسبة  تزيد علي 90%، مع فعالية منخفضة وسُمية خلوية عالية مما يمنح نسبة أمان مناسبة. كذلك، أظهرت الفضة النانوية المحضرة بالطريقة الخضراء والمُركّبة من خلاصة نباتات مثل نخل البلح والسدر  تأثيرًا مضادًا للمسبب المرضي في الفئران، مع حماية للكبد وتقليل للالتهاب والأكسدة .

أظهر محلول الفضة النانو قدرة على قتل الطفيل في مرحلتي tachyzoites وbradyzoites، وحتى داخل أكياس الأنسجة .(cysts)  مركبات النانوالدهنية المحملة بزيت النيم أثبتت فعاليتها في قتل الطفيل مع إطلاق مطوّل للزيت وتقليل السمية الخلوية، ما قد يساعد في القضاء على الأشكال الكيسية. تُستخدم المواد النانومترية البوليمرية كناقلات ومساعدات مناعية في تصنيع لقاحات ضد الطفيل.

تمتاز بسهولة التحضير والفعالية والمقاومة للخلايا، ويمكن تعديلها لتحفيز الاستجابة المناعية، تشمل تطويع السطح بلجندات خاصة لزيادة الفعالية، ودعم إعطاء الجرعات عن طريق الأنف أو جرعة واحدة مطوّلة.

بعض الدراسات تقترح أن الجسيمات النانوية القائمة على الكيتوزان (نوع من البوليمرات الطبيعية) تظهر نشاطًا مضادًا للممرض في مرحلته  tachyzoites، وقد تكون واعدة كجزء من الاستراتيجية العلاجية، مع الحاجة لدراسات إضافية. الجسيمات النانوية المصنوعة من النحاس المُستخلصة بطرق خضراء، تقترح فعالية في علاج الإصابات المزمنة في الفئران، عبر تعديل الإجهاد التأكسدي، وتحفيز الإنزيمات المضادة للأكسدة، وزيادة إنتاج السيتوكينات الالتهابية دون إحداث سمية للأعضاء الحيوية.

المنتجات العطرية مركبات مضادة للميكروبات والطفيليات

تمتلك بعض الزيوت العطرية مثل زيت شجرة الشاي والنعناع واللافندر و الزعتر وغيرها بشكل طبيعي مركبات مضادة للميكروبات والطفيليات، وهذه المركبات هي التي تمنح الزيوت القدرة على محاربة مسببات الأمراض مثل الألدهيدات والفينولات حيث تعمل الألدهيدات كمطهر واسع المجال له القدرة على تعقيم وقتل الطفيليات، وثبت أيضًا أن الفينولات تعمل كمضادات للميكروبات ومضادات للاكسدة ايضا. يمكن استخدام هذه المركبات في السيطرة علي مسببات الامراض الميكروبية والتغلب علي مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية والتي تمثل مشكلة حيوية في السنوات الاخيرة.

تقنيات النانو والسيطرة علي الإصابة بداء القطط

تتجه تقنية النانوتكنولوجي لاستخدام مواد طبيعية وتحويلها الي مواد نانومترية والاستفادة من خصائصها ولكن في حجم المواد النانومترية وخاصة اقل من 100 نانوميتر حتي تستطيع لها الارتباط باكبر عدد ممكن من الخلايا المصابة او الخلايا الميكروبية وتعتبر صيحة جديدة في المجال الطبي وامل جديد ضد الامراض التي عجزت الادوية التقليدية عن ايجاد حلول لها سواء منعها من الحدوث او علاجها علي المدي الطويل.

تُظهر المواد النانومترية، مثل الجسيمات النانوية المعدنية أو البوليمرية، فعالية متزايدة في مكافحة الطفيليات والتي  يمكن أن تعمل من خلال عدة آليات معقدة وأهم الآليات التي تميزعمل المواد النانوية ضد الطفيليات مثل الاختراق الخلوي والتأثير على جدران الخلايا .

يتم ذلك عن طريق القدرة على التغلغل في الخلايا و إحداث اضطراب في الهيكل الخلوي ، الضغوط التأكسدية والتفاعل مع الجذور الحرة مثل تحفيز الجذور الحرة وزيادة الاجهاد التاكسدى، التفاعل مع الحمض النووي للطفيلي مثل التفاعل المباشر مع DNA و التأثيرات على آليات التكاثر، التحفيز المناعي مثل تحفيز الاستجابة المناعية و اللقاحات النانوية والتأثير على التفاعلات الحيوية في الطفيلي مثل عكس التفاعلات الإنزيمية و التداخل مع عملية الهضم داخل الخلايا، تحفيز موت الخلايا المبرمج (Apoptosis) والمسبب لموت الخلايا الطفيلية.

حلول مستقبلية لمواجهة مخاطر داء القطط

وتعتبر هذه البدائل خطوات أولية نحو ابتكار علاجات مستقبلية بديلة أو مكملة للعلاج التقليدي الذي يُعرف عنه تأثّرات جانبية، خاصة لدى الحوامل.يجب اجراء المزيد من البحوث لتحسين سلامة واستقرار وقابلية التوسع وكفاءة مناهج الوقاية والعلاج القائمة على تقنية النانو وتعظيم الاستفادة من خصائصها كبديلات للمضادات الحيوية مع دراسة سمية تلك المواد وتحديد الجرعات الفعالة والامنة حيويا.

الانتقال من البحث والتطوير إلى التطبيقات الحقلية للمضادات النانوية ضد الطفيليات يواجه العديد من التحديات، من بينها السمية البيئية، مقاومة الطفيليات، استقرار الأدوية، وتعقيدات الإنتاج. مع ذلك، فإن التحسينات المستمرة في التقنيات النانوية واكتشاف الأساليب لتحسين الأمان، الفعالية، والتوصيل المستهدف قد توفر حلولًا لهذه التحديات في المستقبل.

Comments are closed.