ift

 د باسم رفعت يكتب: التحديات البيطرية في مكافحة الطفيليات المعوية في حيوانات المجترات

 باحث أول – معمل بيطري أسيوط -معهد بحوث الصحة الحيوانية- مركز البحوث الزراعية- مصر

تُعد الطفيليات المعوية من أبرز المشكلات الصحية التي تواجه قطاع الثروة الحيوانية، خاصة في الحيوانات المجترة مثل الأبقار، الأغنام، والماعز. لا تقتصر تأثيرات هذه الطفيليات على صحة الحيوان فحسب، بل تمتد لتؤثر على الإنتاجية، جودة المنتجات الحيوانية، استهلاك العلف وسلامة السلسلة الغذائية التي تنتهي إلى المستهلك. يواجه الأطباء البيطريون والمنتجون تحديات متعددة في سبيل التشخيص، المكافحة، والوقاية من هذه الطفيليات، في ظل تطور المقاومة الدوائية وصعوبة تنفيذ برامج وقائية فعّالة في بعض البيئات وفيما يلي أبرز هذه التحديات:

  1. التشخيص المحدد والدقيق:

رغم توافر وسائل التشخيص التقليدية مثل الفحص المجهري للبراز الذي يعد المعيار الذهبي لتشخيص الطفيليات المعوية، إلا أنها تعتمد علي خبرة الفاحصين وقد لا تكون كافية لتحديد مستوى العدوى أو نوع الطفيل بدقة. بعض الطفيليات قد لا تُفرز بيوضًا في جميع الأوقات، ما يؤدي إلى نتائج سلبية كاذبة.(لأنها تعتمد علي العدد) كما أن التمييز بين الأنواع المتقاربة يتطلب تقنيات متقدمة مثل اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) واختبار إليزا ELISA، (مقياس الارتباط الإنزيمي للامتصاص المناعي)، وهي غير متوفرة دائمًا في البيئات الريفية.

  1. صعوبة التشخيص المبكر:

بعض الطفيليات لا تسبب أي أعراض أو تسبب أعراضًا خفيفة في البداية (غالبًا ما تكون الأعراض غير نوعية في المراحل المبكرة (أي أنها لا تشير بشكل مباشر إلى طفيل معين، ولكنها تعكس تأثير المرض العام على صحة الحيوان مما يؤدي إلى تأخير التدخل البيطري وتشمل هذه الاعراض:

  • الهزال وضعف النمو،
  • انخفاض الإنتاجية: ينعكس ذلك في انخفاض إنتاج اللحوم، أو الحليب، أو الصوف.
  • مشاكل الجهاز الهضمي: مثل الإسهال، وقد يكون مائياً، أو ليناً، أو دهنياً، أو يتناوب مع الإمساك.
  • فقدان الشهية أو قلتها
  • فقر الدم (الأنيميا): يمكن ملاحظة شحوب في الأغشية المخاطية للعين والفم
  • جفاف فروة شعر وخشونتها.
  • أعراض أخرى: مثل (السعال وصعوبة التنفس) قد تحدث في بعض الحالات التي تصيب فيها يرقات الديدان الجهاز التنفسي قبل أن تستقر في الأمعاء.
  • ارتفاع درجة الحرارة

كما أن بعض الطفيليات لا تظهر بسهولة في الفحص الروتيني لعينات البراز. وذلك يعود لعدة أسباب يمكن تقسيمها إلى عوامل تتعلق بالطفيل نفسه، وعوامل تتعلق بالحيوان المضيف، وعوامل تتعلق بالعينة وطريقة الفحص.

أولاً: عوامل تتعلق بالطفيل ودورة حياته:

  • فترة ما قبل النضوج (Prepatent Period): العديد من الطفيليات لا تضع بيوضًا أو حويصلات في البراز إلا بعد فترة زمنية معينة من الإصابة. خلال هذه الفترة (قبل نضوج الطفيل جنسيًا)، لا يمكن الكشف عن الطفيليات بالتشخيص المجهري للروث حتى لو كانت العدوى موجودة.
  • إنتاج البيض المتقطع أو غير المنتظم: بعض الطفيليات، مثل الفاشيولا (الديدان الكبدية)، لا تضع بيوضها بشكل دوري ومنتظم، مما يجعل اكتشاف البيض في عينة واحدة أمرًا صعبًا وقد يعطي نتائج سلبية خاطئة.
  • انخفاض عدد البيض (Low Egg Count): في حالات الإصابة الخفيفة، أو في مراحل معينة من العدوى، قد يكون عدد بيض الطفيليات في الروث منخفضًا جدًا بحيث لا يمكن اكتشافه بسهولة تحت المجهر بالطرق الروتينية.
  • حجم وشكل البيض: بعض البيض قد يكون صغير جدًا أو يشبه بقايا مواد أخرى في الروث، مما يجعل التعرف عليه صعبًا.
  • ديدان داخل الأنسجة (Tissue-dwelling worms): بعض الديدان تعيش في أنسجة الحيوان (مثل العضلات أو الكبد) بدلاً من الأمعاء، مما يجعلها غير مرئية في البراز.
  • الديدان الشريطية (Tapeworms): قد لا تكون قطع الديدان الشريطية (البروجلوتيدات) ظاهرة في كل عينة براز، خاصة إذا كانت الإصابة خفيفة.

ثانياً: عوامل تتعلق بالحيوان المضيف:

  • المناعة المكتسبة: الحيوانات التي تتعرض لعدوى متكررة قد تطور مناعة جزئية تقلل من عدد الطفيليات البالغة أو من إنتاج البيض، وبالتالي يصبح الكشف عنها أصعب.
  • العمر: في بعض الحالات، قد تختلف أنماط إفراز البيض باختلاف عمر الحيوان، فالصغار قد يكونون أكثر حساسية للإصابة وقد يفرزون بيوضًا بكميات أكبر.

ثالثاً: عوامل تتعلق بالعينة وطريقة الفحص:

  • حجم العينة:
    • عينة واحدة فقط: العديد من الطفيليات تفرز البيوض بشكل متقطع، لذا فإن فحص عينة واحدة فقط قد يعطي نتيجة سلبية خاطئة. يوصى بأخذ عدة عينات على مدى أيام لزيادة فرص الاكتشاف.
    • الكمية غير الكافية: أخذ كمية صغيرة جدًا من الروث قد لا يكفي لتمثيل العدوى بشكل دقيق.
  • تقنيات الفحص المجهري:
    • حساسية الطريقة: بعض الطرق المجهرية (مثل طريقة الفحص المباشر أو الطفو المباشرة) أقل حساسية في الكشف عن أعداد قليلة من البيوض مقارنة بالتقنيات الأكثر تركيزًا (مثل تقنية ماكماستر أو الطرد المركزي بالطفو).
    • الخبرة الفنية: يتطلب التعرف الدقيق على بيض الطفيليات المختلفة خبرة كبيرة من الفاحص، وقد يؤدي نقص الخبرة إلى عدم اكتشافها أو التشخيص الخاطئ.
  • لذلك لتحسين فرص اكتشاف العدوى يجب اتباع الاتي:
  1. جمع عينات طازجة من الحيوان مباشراً وبكميات مناسبة.
  2. فحص البراز المتكرر: أخذ عدة عينات براز على مدى عدة أيام لزيادة فرص اكتشاف الطفيلي.
  3. استخدام تقنيات فحص براز أكثر حساسية (مثل طرق التركيز).
  4. اجراء فحوصات متخصصة أو استخدام تقنيات أكثر حساسية لتشخيص بعض الإصابات الطفيلية مثل البحث عن مستضدات الطفيليات في البراز باستخدام اختبار ELISA او اختبار تفاعل البوليمراز المتسلسل (PCR) للكشف عن الحمض النووي للطفيل حيث يعد من اهم الطرق للفحص المبكر الديدان او اجراء التحاليل المصلية للكشف عن الأجسام المضادة للطفيل في الدم او فحص الافرازات مثل الدموع واللعاب للكشف عن وجود بعض الإصابات الطفيلية مثل  الفاشيولا.
  5. ربط الفحص المجهري بالأعراض الاكلينيكية للحيوان والتاريخ الوبائي للمزرعة.
  6. فحص عينات الأنسجة: إذا كان هناك اشتباه في وجود طفيليات داخل الأنسجة.

أهمية التشخيص المبكر:

  • منع المضاعفات: التشخيص المبكر يمكن أن يمنع أو يقلل من خطورة المضاعفات التي قد تنتج عن العدوى الطفيلية.
  • تسهيل العلاج: يمكن أن يسهل التشخيص المبكر العلاج ويساعد في تجنب المضاعفات.
  • منع انتشار العدوى: يمكن أن يمنع التشخيص المبكر انتشار العدوى إلى حيوانات اخري.
  1. ضعف التزام المربين بالبرامج الوقائية

في بعض البيئات الريفية أو منخفضة الدخل، العديد من المربين لا يدركون أهمية الوقاية أو استكمال الجرعات أوالقضاء على الطفيليات، ما يؤدي إلى سوء استخدام الأدوية واستمرار دورة العدوى.

  1. قلة الكوادر البيطرية المدربة في المناطق الريفية.

ضعف توفر الأطباء البيطريين المدربين والمجهزين يقلل من فرص التدخل السريع والفعال مما يؤدي إلى استمرار العدوى داخل القطيع.

  1. تأثير العوامل البيئية والتغيرات المناخية علي تكاثر الطفيليات

يؤثر الاحترار العالمي والتغيرات البيئية والمناخية بشكل كبير ومعقد على الطفيليات المعوية في المجترات، حيث يؤثر على دورة حياة الطفيليات وقابلية العائل للإصابة. ولا تكون هذه التأثيرات موحدة، بل تختلف حسب نوع الطفيل، والموقع الجغرافي، والأنماط المناخية.

تأثيرات على دورات حياة الطفيليات وبقائها:

  • التطور المتسارع للطفيل: تؤدي درجات الحرارة المرتفعة بشكل عام إلى تسريع نمو المراحل الحرة للطفيليات (مثل البيض واليرقات) في البيئة. بالنسبة للعديد من الديدان الأسطوانية المعدية للجهاز الهضمي، يمكن أن يؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى تسريع الفقس والتطور إلى المرحلة اليرقية المعدية (L3) وهذا يمكن أن يؤدي إلى ظهور أجيال متعددة من الطفيليات في المرعى خلال موسم واحد. مما يؤدي إلى “نقطة تحول” يمكن أن ترتفع فيها أعباء الإصابة بالطفيليات بشكل مفاجئ وحاد.
  • امتداد مواسم انتقال العدوي: يمكن أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة وتغير أنماط هطول الأمطار إلى إطالة الفترة التي تكون فيها الظروف البيئية مواتية لتطور الطفيليات وبقائها على قيد الحياة. وهذا يؤدي إلى تمديد موسم الرعي في بعض المناطق المعتدلة، مما يزيد من تعرض المجترات ليرقات الطفيليات المعدية بشكل عام.
  • التغيرات في التوزيع الجغرافي: يسمح التغير المناخي لبعض الطفيليات بتوسيع نطاقها الجغرافي لتشمل مناطق جديدة كانت في السابق باردة جدًا بحيث لا يمكنها البقاء فيها. وهذا يعرض مجموعات من الحيوانات لم تكن معرضة من قبل لتهديدات طفيلية جديدة، مما قد يؤدي إلى تفشي أمراض خطيرة بسبب نقص المناعة لدى العائل. وعلى الجانب الآخر، قد تنخفض أعداد بعض الطفيليات غير المتكيفة جيدًا مع درجات الحرارة المرتفعة في بعض المناطق.
  • تغير الرطوبة وهطول الأمطار تُعدّ الرطوبة عاملًا حاسمًا لبقاء العديد من الطفيليات المعوية وانتقالها في المراعي. فالتغيرات في أنماط هطول الأمطار، بما في ذلك زيادة تواتر وشدة الأمطار، يمكن أن تهيئ ظروفًا مثالية لانتقال اليرقات من البراز إلى الحشائش، مما يزيد من خطر العدوى. ومع ذلك، فإن فترات الجفاف الطويلة قد تؤدي إلى تقليل أعداد الطفيليات نتيجة الجفاف، على الرغم من أن بعض الأنواع قد طوّرت استراتيجيات للبقاء، مثل التوقف المؤقت في مرحلة تطورها داخل العائل (الطور الرابع L4) انتظارًا لظروف أكثر ملاءمة.

العوامل المناخية وأثرها على الحيوانات المجترة

  • انخفاض مناعة العائل: تؤدي عوامل الإجهاد الناتجة عن التغير المناخي مثل الإجهاد الحراري ونقص المياه إلى إضعاف الجهاز المناعي للمجترات، مما يجعلها أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الطفيلية. ويمكن للإجهاد الحراري أن يثبط الاستجابة المناعية بشكل مباشر، مما يصعّب على الحيوان مقاومة الطفيليات.
  • تغيرات في سلوك الرعي: قد تغير الحيوانات المجترة أنماط رعيها استجابة للحرارة، مثل البحث عن الظل أو الرعي خلال الساعات الأكثر برودة. هذه التغيرات السلوكية يمكن أن تؤثر بشكل غير مباشر على تعرضها للطفيليات في المرعى
  • سوء التغذية: يمكن أن يؤثر تغير المناخ سلبًا على توافر المراعي والمياه وجودتها. يمكن لسوء التغذية أن يزيد من إضعاف الجهاز المناعي للمضيف، مما يجعله أكثر عرضة للإصابة بالطفيليات وتأثيراتها.
  • التفاعل مع الحياة البرية وممارسات التربية:
  • يمكن أن يؤدي تحرك الحيوانات البرية استجابةً لتغير المناخ إلى اقترابها من حيوانات المزرعة، مما يزيد من خطر انتقال الطفيليات بين الأنواع المختلفة.
  • يمكن أن تؤثر التغيرات في الممارسات الزراعية، مثل التربية المكثفة للماشية، على ديناميكية الطفيليات. فبينما قد يقلل إيواء الحيوانات من خطر الإصابة بالطفيليات المرتبطة بالمراعي، فإنه يمكن أن يزيد من انتشار الأمراض المرتبطة بسوء النظافة، مثل داء الكوكسيديا.

مقاومة الطفيليات للأدوية:

مقاومة الطفيليات هي القدرة الوراثية للطفيليات على الصمود بعد العلاج بدواء مضاد للطفيليات كان فعالًا ضدها سابقًا. بعد علاج الحيوان بدواء مضاد للطفيليات، تموت الطفيليات الحساسة، بينما تبقى الطفيليات المقاومة حية لتنقل جينات المقاومة إلى ذريتها.

العوامل المؤثرة في تطور مقاومة مضادات الديدان

مقاومة مضادات الديدان هي ظاهرة بيولوجية معقدة تنشأ نتيجة الاصطفاء الطبيعي (Natural Selection) الذي يفرضه الاستخدام المتكرر وغير السليم لهذه الأدوية. ويمكن تلخيص آلية تطور المقاومة في النقاط التالية:

  1. وجود الطفيليات المقاومة بشكل طبيعي (التنوع الجيني)

حتى قبل استخدام أي مضاد للديدان، توجد في أي مجموعة كبيرة من الطفيليات أعداد قليلة جدًا من الطفيليات التي تحمل طفرات جينية عشوائية. هذه الطفرات تمنح الطفيليات قدرة جزئية أو كاملة على البقاء عند التعرض للدواء، على عكس غالبية الطفيليات “الحساسة” التي لا تمتلك هذه الطفرات.

  1. الانتخاب الطبيعي (الضغط الانتقائي)

عندما يتم إعطاء مضاد للديدان، فإنه يقتل الطفيليات الحساسة بشكل فعال ومع ذلك، تنجو الطفيليات المقاومة التي تحمل الطفرات. لذلك يعمل هذا العلاج “كـعامل ضغط انتقائي” (Selection Pressure) يزيل الطفيليات الحساسة من المجموعة، مما يترك الطفيليات المقاومة لتتكاثر بحرية.

  1. التكاثر وتوريث المقاومة

الطفيليات المقاومة التي نجت من العلاج تتكاثر فيما بينها، وتورث الجينات المسؤولة عن المقاومة لنسلها. كل جيل جديد من الطفيليات يحتوي على نسبة أعلى من الأفراد المقاومة مقارنة بالجيل السابق ومع كل عملية علاج، تتكرر هذه الدورة، مما يؤدي إلى زيادة تدريجية في عدد الطفيليات المقاومة في القطيع أو المزرعة، حتى تصبح المقاومة هي السمة السائدة.

  1. الآليات البيولوجية للمقاومة

تحدث المقاومة على المستوى الجزيئي من خلال آليات مختلفة داخل جسم الطفيل، منها:

  • تغير في موقع ارتباط الدواء (Target Site Alteration): يعمل مضاد الديدان عن طريق الارتباط بمستقبل معين على خلايا الطفيل ليؤدي وظيفته. إذا حدثت طفرة في الجين الذي يشفر هذا المستقبل، فإن شكل المستقبل يتغير، مما يمنع الدواء من الارتباط به بفعالية، وبالتالي يفقد تأثيره. على سبيل المثال، تُعتبر الطفرات في جين بيتا-تيوبيولين (β-tubulin gene) سببًا رئيسيًا لمقاومة دواء البنزيميدازول في طفيل الهيمونكوس كونترتوس هذه التغيرات في تسلسل الحمض النووي (DNA) يمكن أن تؤدي إلى تغيير في بنية البروتين، مما يقلل من قدرة الدواء على الارتباط بالمستقبلات المستهدفة ويجعله أقل فعالية.
  • زيادة طرد الدواء من الخلايا (Drug Efflux): بعض الطفيليات تطور آليات لزيادة إنتاج مضخات بروتينية على أغشية خلاياها، والتي تقوم بضخ الدواء خارج الخلية فور دخوله، مما يقلل من تركيزه داخل الطفيل ويمنعه من الوصول إلى هدفه.
  • زيادة أيض الدواء (Increased Drug Metabolism): قد تطور الطفيليات إنزيمات تعمل على تكسير الدواء وتحليله بسرعة أكبر من المعتاد، مما يجعله غير فعال قبل أن يتمكن من إحداث تأثيره القاتل. على سبيل المثال، قد تزيد الطفيليات من نشاط إنزيمات مثل الجلوتاثيون اس- ترانسفيراز(glutathione S-transferases) لتتخلص من المركبات السامة التي ينتجها الدواء. كما أيضا تعتمد الطفيليات على توازن بين عمليات الأكسدة ومضادات الأكسدة من أجل البقاء. يمكن إزالة سمية مضادات الديدان التي تُنتج الشوارد الحرة (free radicals) عن طريق الإنزيمات الطبيعية المضادة للأكسدة في خلايا الطفيليات. وقد تُسهم التغيرات في هذه الأنظمة الدفاعية أو الإنزيمات في تطور مقاومة الطفيليات للعلاج بمضادات الديدان المختلفة.
  • انخفاض امتصاص الدواء (Decreased Drug Uptake): يمكن أن يقلل الطفيل من امتصاص الدواء من بيئته الداخلية (مثل الأمعاء)، عن طريق تقليل عدد أو كفاءة الناقلات (transporters) الموجودة على سطحها، والتي تعتبر مسؤولة عن إدخال الدواء إلى داخل الخلية. مما يقلل من تركيز الدواء الذي يصل إلى الخلايا الطفيلية.
  1. العوامل التي تسرّع من تطور المقاومة:
  • الاستخدام المتكرر وغير المبرر لنفس فئة الدواء.
  • الجرعات غير الصحيحة (الجرعات الناقصة تحديدًا) التي تقتل الطفيليات الحساسة فقط وتترك الأقوى أو المقاومة جزئيًا على قيد الحياة.
  • عدم اتباع توصيات العلاج (مثل عدم وزن الحيوانات بدقة قبل العلاج).
  • إدخال حيوانات جديدة إلى القطيع تحمل طفيليات مقاومة.
  • عدم وجود “ملجأ” (Refugia): وهو وجود عدد كافٍ من الطفيليات الحساسة غير المعالجة (في المراعي أو في الحيوانات التي لم يتم علاجها) التي يمكنها التزاوج مع الطفيليات المقاومة، مما يخفف من سرعة انتشار جينات المقاومة.

أمثلة على الديدان المعوية المقاومة:

  • الهيمونكوس كونترتوس Haemonchus contortus))

تُعد من أخطر الطفيليات في المجترات، خصوصًا الأغنام والماعز. أظهرت مقاومة شديدة لمجموعات متعددة من مضادات الطفيليات، مثل: البنيميدازول(Benzimidazoles)، الإيفرمكتين (Ivermectin) و الليفاميزول  (Levamisole)

  • التريكوسترونجيلوس Trichostrongylus spp))

تشمل عدة أنواع تسبب التهابات معوية في الأغنام والماعز. أظهرت مقاومة لمضادات مثل البنيميدازول والليفاميزول..

  • التيلادورساجيا (Teladorsagia (Ostertagia) circumcincta)

تُصيب أساسًا المعدة الحقيقية (الكرش الرابع) في المجترات الصغيرة.أظهرت مقاومة للبنيميدازول والماكرولاكتونات.

  • الكوبريا (Cooperia spp.)

تُصيب الأمعاء الدقيقة، خاصة في العجول. أظهرت مقاومة متزايدة للماكرولاكتونات مثل الإيفرمكتين.

  • النيماتوديرس (Nematodirus spp.)

تُصيب الأمعاء الدقيقة، وتسبب إسهالًا وفقدان وزن. ظهرت مقاومة في بعض المناطق للبنيميدازول.

آثار مقاومة الطفيليات للأدوية:

  • زيادة صعوبة علاج العدوى الطفيلية: قد يصبح علاج العدوى الطفيلية أكثر صعوبة وتكلفة.
  • تأخير العلاج: قد يتطلب علاج العدوى الطفيلية المقاومة للأدوية فترة أطول.
  • زيادة انتشار العدوى: قد تؤدي مقاومة الطفيليات للأدوية إلى توسع انتشار العدوى الطفيلية.
  • زيادة معدلات النفوق: قد تؤدي مقاومة الطفيليات للأدوية إلى زيادة معدلات نفوق الحيوانات المرتبطة بالعدوى الطفيلية.

استراتيجيات لتقليل مقاومة الطفيليات للأدوية:

تتطلب معالجة مقاومة مضادات الديدان اتباع أساليب إدارية متكاملة واستراتيجية تشمل:

الحجر الصحي الصارم للحيوانات الجديدة لضمان عدم إدخال طفيليات مقاومة إلى القطيع.

العلاج المركب:

يُعد الجمع بين مضادات ديدان من مجموعات مختلفة في وقت واحد طريقة وقائية ضد مقاومة مضادات الديدان. تهدف هذه الاستراتيجية، التي تتضمن فئات كيميائية حيوية مختلفة، إلى تحقيق تأثير تآزري لتعزيز فعالية العلاج، خاصةً عندما تكون المقاومة لكل من الدواءين منخفضة حيث سيحتاج الطفيل إلى تطوير مقاومة لجميع الأدوية في وقت واحد. تظهر العلاجات المركبة فعالية ضد العديد من الإصابات الطفيلية المختلفة.

على سبيل المثال، يظهر الليفاميزول والميبيندازول تأثيرًا تآزريًا ضد طفيل هيمونكس كونورتوس في الأغنام.

التكرار الدوري: (Rotational Use)

تغيير نوع مضاد الطفيليات كل دورة أو على الأقل كل 4 إلى 6 أشهر، حيث يتم تغيير المادة الفعالة وليس فقط الاسم التجاري. ولكن استنادًا إلى التوصيات الحديثة في إدارة مقاومة مضادات الطفيليات، تؤكد على أهمية مراقبة فعالية مضادات الديدان الحالية وتغييرها فقط عند ظهور علامات المقاومة بالفعل (التدخل عند الضرورة).

الرصد والمراقبة:

يجب على المزارعين والأطباء البيطريين إجراء فحوصات منتظمة للفضلات (اختبارات العدوى الطفيلية) لتقييم حمل الطفيليات ومدى استجابتها للعلاجات المستخدمة. يمكن أن يساعد الرصد المنتظم لانتشار الطفيليات المقاومة للأدوية في تحديد المناطق التي تظهر فيها المقاومة، مما يسمح بتدخلات مستهدفة للحد من انتشار المقاومة. تُستخدم طرق متنوعة وتُعتبر اختبار تقليل عدد بيض الديدان في البراز (FECRT) هي الطريقة الأكثر استخدامًا للكشف عن هذه المقاومة في الديدان الأسطوانية. كما توجد طرق اخري مثل اختبار فقس البيض، اختبار نمو اليرقات، اختبار حركة اليرقات، بالإضافة إلى التقنيات الجزيئية (PCR).

استخدام الأدوية المناسبة:

استخدام فقط الأدوية المضادة للطفيليات التي أثبتت فعاليتها بناءً على نتائج الاختبارات التشخيصية الحديثة والمعتمدة لتحديد أنواع الطفيليات الموجودة في المزرعة. (اتبع دائمًا التعليمات الموجودة على ملصق الدواء).

لا يتم استخدام الأدوية المضادة للطفيليات لأغراض غير المصرح بها (مثل استخدامها كمحفزات النمو لزيادة وزن الحيوانات).

تطبيق الجرعات الصحيحة وذلك بوزن الحيوانات لتجنب إعطاء جرعات أقل من اللازم من الأدوية المضادة للطفيليات وتكرارها حسب التوصيات لضمان أقصى فعالية للعلاج.

توجه العلاج نحو الحيوانات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالأمراض الطفيلية (الحيوانات الصغيرة أو المجهدة وتلك التي تظهر عليها علامات سريرية للإصابة).

يتم علاج الحيوانات بالأدوية المضادة للطفيليات عندما تكون اليرقات المعدية في أعلى عدد لها في المرعى. هذا يزيد من ” الملجأ أو ملاذ المقاومة البيئي” (environmental refugia) ويحدث عادةً عندما:

تكون درجة الحرارة والرطوبة في البيئة عالية. الحرارة والرطوبة ضروريان لتطور بيوض الطفيليات إلى يرقات معدية.

تكون الإناث في القطيع في فترة ما حول الولادة. الحيوانات في هذه الفترة تفرز المزيد من بيوض الطفيليات.

تطوير أدوية جديدة:

يعد البحث عن أدوية جديدة ذات طرق عمل جديدة أمرًا ضروريًا لمكافحة المقاومة. ومع تطور المقاومة للأدوية الحالية، يمكن تقديم أدوية جديدة لعلاج العدوى.

التثقيف والتوعية:

إن تثقيف الجمهور حول مخاطر مقاومة الأدوية وأهمية استخدام الأدوية بطريقة مسؤولة يمكن أن يساعد في تقليل فرص تطور المقاومة.

وكما اوردنا فيما سبق تشكل الطفيليات المعوية في الحيوانات المجترة تحديًا معقدًا يتطلب تنسيقًا محكمًا بين الجهات البيطرية، المربين، والباحثين. الاستثمار في الوقاية والتشخيص المبكر، مع التوعية المستمرة، هو الطريق الأمثل للحد من الخسائر الاقتصادية وحماية صحة المستهلك النهائي.

المراجع:

Bautista-Garfias, C. R., Castañeda-Ramírez, G. S., Estrada-Reyes, Z. M., Soares, F. E. D. F., Ventura-Cordero, J., González-Pech, P. G., … & Aguilar-Marcelino, L. (2022). A review of the impact of climate change on the epidemiology of gastrointestinal nematode infections in small ruminants and wildlife in tropical conditions. Pathogens, 11(2), 148.

Claerebout E. and Lanusse, C. E. (2025): Resistance to Anthelmintics in Animals. Merck Vet. Manual. Available at: https://www.merckvetmanual.com/pharmacology/anthelmintics/resistance-to-anthelmintics-in-animals#For-More-Information_v99421586

FAO, “Guidelines Resistance Management and Integrated Parasite Control in Ruminants,” Module, Vol. 1, 2004, pp. 56.  https://openknowledge.fao.org/server/api/core/bitstreams/8efa816b-a7d5-4667-8c33-777fd35bc13b/content

Fiel, C. A., Saumell, C. A., Steffan, P. E., & Rodriguez, E. M. (2001). Resistance of Cooperia to ivermectin treatments in grazing cattle of the Humid Pampa, Argentina. Veterinary parasitology97(3), 211–217.

Kaplan, R. M. (2004). Drug resistance in nematodes of veterinary importance: a status report. Trends in parasitology, 20(10), 477-481.

Melville, L. A., Redman, E., Morrison, A. A., Rebecca Chen, P. C., Avramenko, R., Mitchell, S., Van Dijk, J., Innocent, G., Sargison, F., Aitken, C., Gilleard, J. S., & Bartley, D. J. (2020). Large scale screening for benzimidazole resistance mutations in Nematodirus battus, using both pyrosequence genotyping and deep amplicon sequencing, indicates the early emergence of resistance on UK sheep farms. International journal for parasitology. Drugs and drug resistance12, 68–76.

Rashid, A., Khattak, M. N. K., Khan, M. F., Ayaz, S., & Rehman, A. U. (2016). Gastrointestinal helminthoses: prevalence and associated risk factors in small ruminants of district Kohat, Pakistan. JAPS: Journal of Animal & Plant Sciences, 26(4).

Rizwan, H. M., Naeem, M. A., Younus, M., Sajid, M. S., & Chen, X. (Eds.). (2024). Antiparasitic Drug Resistance in Veterinary Practice. CABI.

Sutherland, I. A., & Leathwick, D. M. (2011). Anthelmintic resistance in nematode parasites of cattle: a global issue?. Trends in parasitology, 27(4), 176-181.

Voigt, K., Scheuerle, M., & Hamel, D. (2012). Triple anthelmintic resistance in Trichostrongylus spp. in a German sheep flock. Small Ruminant Research, 106(1), 30-32.

Zvinorova, P. I., Halimani, T. E., Muchadeyi, F. C., Matika, O., Riggio, V., & Dzama, K. (2016). Prevalence and risk factors of gastrointestinal parasitic infections in goats in low-input low-output farming systems in Zimbabwe. Small Ruminant Research, 143, 75-83.

 

Comments are closed.