خبير عربي ودولي في تربية النحل وإنتاج العسل
في بعض القرى القديمة، كان الناس إذا مات أحدهم، مضوا إلى خلايا النحل، طرقوا برفق على جدرانها، وهمسوا بالخبر: “لقد رحل فلان”.
وإن تزوّج أحد، أو وُلد طفل، بُشّر النحل كما يُبشَّر القريب. وكانت الخلايا تُغطى بالسواد عند الحداد، وتُقدَّم لها فتاتُ الكعك في الأعراس.
لأنهم كانوا يؤمنون أن للنحل روحاً، وأن تجاهله قد يصيبه بالحزن، وربما تفرد جناحيه ويموت.
انه طقسٌ صغير من طقوس الاحترام العميق، يوم كان الإنسان يرى في الكائنات من حوله شركاء في الحياة، لا أدوات للاستعمال.
النحل، في تلك العوالم المنسية، كائنًا ذا شأن، حارسًا للسرّ، وناقلاً للرسائل بين هذا العالم وذاك.
في زمنٍ كانت الأرواح تُصغي فيه للطبيعة، كان الحديث مع النحل اعترافًا بعلاقة خفية تربطنا بما نظنه صامتاً.
فالنحل كان يُرى كجُزءٍ من العائلة، لا يُؤخذ عسله قبل أن يُؤخذ رضاه، ولا يُهمل في الفرح أو في الفقد.
واليوم، في عالمٍ صاخبٍ مزدحمٍ بالضجيج، ننسى أن النحل ما زال هنا. نطلب عسله، لكن لا نُكلّف أنفسنا عناء السلام. نغزو حقوله، نسمّمه لنُكثِر من محاصيلنا، ثم نتساءل: لِمَ انقرض؟ كيف فقدنا دفءَ العلاقة التي كانت تربطنا به؟ كيف تحوّلت النحلة من رمزٍ للبركة إلى ضحية؟
النحل لا يطلب شيئاً. لكنه يُقدّر من يحدّثه، ومن يعرف كيف يُنصت، قد يسمع في أزيز الأجنحة لغة لا يعرفها إلا القلب.
#اليوم_العالمي_للنحل
Comments are closed.