باحث صحة الأغذية – معهد بحوث الصحة الحيوانيه – معمل الزقازيق- مركز البحوث الزراعية – مصر
مقدمة : مرض التكسوبلازما هو احد اهم الامراض الطفيلية الاولية المشتركة والذي يسببه المقوسة الغوندية ( Toxoplasma Gondii)، تعتبر القطط هي العائل الاساسي للطفيل ومصدر العدوي الرئيسي للمرض حيث يخرج الطور المعدي (الاكياس البيضية غير الناضجة) مع البراز وكذلك لحوم الحيوانات المصابة والغير مطهية جيداً تعد احد مصادر العدوي الهامة (حويصلات الانسجة).
وقد شوهد الطفيل لأول مرة عام 1908 من قبل نيكول ومانسو في معهد باستور بتونس ضمن قارض إفريقي بري غوندي، وقد بدا لهما بشكل منحني كالقوس، فأطلقا عليه اسم المقوسة toxoplasma المشتق من الكلمة اليونانية toxo التي تعني القوس، وبذلك سمي بالمقوسة الغوندية toxoplasma gondii. ولم توصف إصابته البشرية حتى عام 1923، ثم تبين في عام 1939 أن هذا الطفيل هو أحد أسباب وفيات الأطفال حديثى الولادة والذين يعانون من التهاب الدماغ والنخاع. أما دورة حياة الطفيلي فلم تكشف إلا في عام 1970 حين أوضحها كل من فرانكل وهيوتشيسون.
يصيب داء المقوسات نسبة كبيرة من سكان العالم، ولكن لا يعاني معظم المصابين به من أية أعراض مرضية الا تضخم في الغدد اللعابية وحمي وتوعك وكلها اعراض بسيطة لا تميزه عن باقي الامراض. لكن تبدو خطورة المرض في الاشخاص الذين يعانون من امراض تقص المناعة واكثر حالات المرض خطورة تحدث عند اصابة النساء الحوامل بعدوي نشطة اثناء الحمل حيث يتم نقل العدوى إلى الجنين (يُطلق على ذلك العدوى الخلقية)، وقد يعاني الأطفال المصابون بالعدوى من عيوب خلقية، كاستسقاء الدماغ وزيادة السائل المحيط وحدوث تغيرات في الشبكية والتي تؤدي إلى فقدان الرؤية.
دورة حياة التوكسوبلازما
هذا الطفيل وحيد العائل اختيارياً أي أنه يستطيع إكمال دورة حياته داخل عائل واحد أو أيضاً داخل عائلين ولكن العائل النهائي حتماً هو القطط. وتحدث ثلاث أشكال رئيسية للطور المعدى:
- البويضة التي تحتوي على اثنين من الأكياس البوغية وأربعة كائنات بوغية (الاسبروزويت) لكل منها، وتخرج من القطط غير ناضجة وسرعان ما تنضج وتعتبر الطور المعدي لجميع انواع الطيور والحيوانات والانسان
- التاكيزويتات سريعة التكاثر،
- والبراديزويتات بطيئة النمو الموجودة في الأكياس النسيجية .
و دورة حياته مرحلتان:
1- المرحلة خارج المعوية
يمكن أن تتم في الخلايا ذات النواة عند القطط أو في العائل الوسيط مثل الإنسان والحيوانات والطيور والزواحف والقوارض حيث يمكن أن يصاب بالمرض جراء تلوث الغذاء او الماء بالطور المعدى (الاكياس البيضية الناضجة ) والذى يتكاثر لاجنسيا ويخرج التاكيزويتات او ما يعرف بالسوارع (tachyzoites) والتي تنتشر في جميع انحاء الجسمعن طريق الدم واللمف وتكون تكيسات في الأنسجة العضلية والعصبية (البراديزويتات). وفي حالة الإنسان تحدث التكيسات في العضلات الهيكيلية وعضلات القلب وكذلك المخ ويمكن ان تنقل الإصابة من الأم للجنين من خلال المشيمة .
2- المرحلة داخل المعوية
تتم فقط في أمعاء القطط. و في هذه المرحلة يتم كلا من التكاثر اللاجنسي والتكاثر الجنسي.
يمكن للطفيلي أن يدخل جسم القطة على شكل بويضات التوكسوبلازما أو الأكياس النسيجية فى الحيوانات المختلفة غالباً عن طريق تناول الفئران المصابة . البيض الذي ينزل مع براز القطط لا يكون معديا بمجرد نزوله ، ويدخل في مرحلة تجرثم حتي يقوم بتكوين الطور المعدي ، وتأخذ تلك العملية عادة من يوم إلي ٥ أيام ، حسب الظروف البيئية المحيطة.
وهو مصدر العدوي بالنسبة للعائل الوسيط .
طرق انتقال العدوى :
يصاب الأشخاص بداء المقوسات عادة من خلال ثلاثة طرق انتقال رئيسية، وهي:
1- انتقال العدوى بالغذاء
يصاب الانسان بالتوكسوبلازما عن طريق تناول الطعام الملوث بالاكياس البيضية للتوكسوبلازما الموجودة فى براز القطط المصابة (البويضة الناضجة ) ، مثل تناول اللحوم الملوثة النيئة أو عن طريق تناول الفواكه والخضروات الملوثة دون غسلها. كذلك يمكن أن تنتقل العدوى عن طريق المياه الملوثة.
2- انتقال المرض من الحيوان إلى الإنسان
تلعب القطط دوراً مهماً في انتشار داء المقوسات. حيث يمكن للقطط نثر الملايين من البويضات في برازها لمدة تصل إلى 3 أسابيع بعد إصابتها بالطفيل. وهو ما يسبب تلوث التربة أو الماء في البيئة التي تعيش فيها.
3- انتقال العدوى من شخص إلى آخر
لا ينتقل داء القطط من شخص لآخر، إلا في حالات الانتقال من الأم الحامل المصابة إلى الجنين وقد يؤدى إلى الإجهاض أو وفاة الجنين . لهذا السبب تنصح المرأة الحامل بتجنب الاقتراب من فضلات القطط أثناء فترة الحمل أو بعد الولادة.
4- حالات نادرة
قد ينتقل داء المقوسات عن طريق نقل الدم من شخص مصاب أو عن طريق زراعة عضو أتى من متبرع مصاب بداء القطط. كذلك قد يتعرض أخصائي المختبرات الذين يتعاملون مع الدم المصاب للعدوى من خلال خطأ غير مقصود.
لمحة وبائية
داء التوكسوبلازما مرض عالمي يظهر في أغلب الثدييات، وعديد من الطيور، كما تشاهد أخماجه البشرية في مناطق الكرة الأرضية كلها. ويزداد نسبة حدوثه في المناطق المدارية والقليلة البرودة والجفاف في كل الفصول وفي جنسي البشر دون فارق بينهما، لكنها، تزداد مع زيادة العمر.
ويشير المسح المصلي للبالغين الذين تمتد أعمارهم بين 20 و 40 سنة في كثير من البلدان أن نسب وجود أجسام مضادة المقوسات تتفاوت حسب المناطق الجغرافية، وعادات الأفراد، وشروط حياتهم الصحية. فهى تبلغ 60% في إيطاليا و 50-60% في فرنسا و50% في كل من تونس وبلجيكا وأميركا و25% في اليابان(Mims et al., 1993). وفى مصر يعتبر الطقس عاملا اساسيا فى انتشار داء المقوسات حيث ترتفع نسب الانتشار فى محافظات الشمال والوجه البحرى حيث الرطوبة ودرجة الحرارة مناسبين لتطور البويضة للطور المعدى بينما فى محافظات صعيد مصر مثل المنيا حيث الجو الحار والمناخ الجاف يؤثران على بقاء تلك البويضات .
أعراض الاصابة فى القطط:
معظم حالات الاصابة بالتوكسوبلازما في القطط لا تظهر عليها أي أعراض ، ولكن تحدث الحالة المرضية عندما يفشل الجهاز المناعي في ايقاف حركة الطفيل في جسم القط. لذلك فحدوث المرض مرتبط بشكل أكبر بالقطط المصابة بضعف في الجهاز المناعي ، مثل القطط الصغيرة نتيجة لعدم اكتمال نمو المناعة ، أو القطط المصابة بفيروس اللوكيميا FeLV ، وأيضا القطط المصابة بفيروس نقص المناعة FIV.
الأعراض الشائعة للمرض تشمل :
1- الحمي ، وارتفاع درجة الحرارة , فقدان الشهية والضعف العام و الإسهال ، و القئ أحيانا .
2- أعراض أخري مرتبطة بكون الحالة حادة أو مزمنة ، ومرتبطة بمكان تواجد الطفيل في الجسم ، مثل:
- الالتهاب الرئوي في حالة تواجد التوكسوبلازما في الرئة ، وينتج عنها صعوبة التنفس ، الذي يزداد سوءا مع تقدم المرض
- وجود الطفيل في الكبد يسبب أعراض الصفراء ، مثل اللون الأصفر للجلد والأغشية المخاطية .
- في العين ، يسبب التهاب الطبقة الوسطي من العين ، وضعف الاستجابة للضوء ، والعمى مع تقدم الحالة
- الجهاز العصبي المركزي ، ينتج عن وجود التوكسوبلازما به أعراض مثل ، تغير سلوك القط ، وزيادة حساسيته للمس ، ونقص التوازن ، ودوران القط حول نفسه ، صعوبة المضغ والبلع ، التشنجات ، ودفن الرأس في الحائط أو الأرض ، وفقدان التحكم في عضلات التبول والمستقيم.
أعراض الاصابة بالتوكسوبلازما فى الانسان:
لا يعاني معظم المصابين بداء المقوسات بأي أعراض مميزة، ولكن قد تظهر بعض الأعراض الشبيهة بأعراض الإنفلونزا على القليل من المصابين. قد تستمر الأعراض لمدة شهر أو أكثر ثم تختفي عادة من تلقاء نفسها. ومن هذه الأعراض المحتمل ظهورها ما يلي:
- حمى.
- تضخم الغدد الليمفاوية، وخاصة في منطقة الرقبة.
- صداع.
- آلام في العضلات.
- التهاب الحلق.
- يعتبر داء المقوسات خطير بالنسبة للأشخاص الذين لديهم ضعف في جهاز المناعة، وقد يسبب لهم مضاعفات خطيرة، مثل:
- التهاب الدماغ، والذي يسبب الصداع، والنوبات، والشعور بالارتباك، والغيبوبة.
- التهاب في الرئة، مما يسبب السعال، والحمى، وضيق التنفس.
- عدوى في العين، تسبب تشوش الرؤية وألم في العين.
- يؤثر كذلك داء القطط على الجنين. وقد يسبب للأجنة أعراضاً خفيفة أو خطيرة للغاية. من الجدير بالذكر أنه قد يظهر معظم الأطفال حديثي الولادة المصابين بدون تشوهات خلقية في البداية، ولكن يمكن أن تظهر العلامات والأعراض عليهم مع التقدم في العمر، لذا من المهم متابعة الحالة الصحية لحديثي الولادة المصابين عن قرب والتحقق من عدم تأثر الدماغ أو العيون بسبب داء القطط. حيث يعانى حديثى الولادة من عيوب خلقية وفقدان البصر واستسقاء الدماغ نتيجة لتراكم السوائل وتشوهات أخرى كثيرة.
الوقاية من التوكسوبلازما :
مكن تجنب الإصابة بعدوى داء المقوسات باتباع الآتي:
- منع تلوث الأغذية الحيوانية ببراز القطط حيث ينبغي استبعاد القطط والقوارض من المناطق التي تستخدم لتتغذية الماشية، أو حيث يتم تخزين الأعلاف الخاصة بهم والتخلص الصحى من جثث الحيوانات المصابة لمنع القطط من أكل اللحوم النيئة
- تجنُّب تناول اللحوم النيئة أو غير المطهية جيدًا حيث ان طهي اللحوم والأسماك الجيد يتم عند درجة حرارة 63 درجة مئوية وطهي اللحم المفروم على درجة حرارة 71 درجة مئوية. اما طهو القطع الكاملة من لحوم الدواجن والأصناف المفرومة منها على درجة حرارة 74 درجة مئوية.
- تجنُّب الأسماك القشرية النيئة,مثل المحار أو بلح البحر أو الجندوفلي النيء، خاصة أثناء فترة الحمل.
- غسل اليدين وجميع الأواني المستخدمة، مثل ألوح التقطيع بالماء والصابون بعد ملامسة اللحوم النيئة أو المأكولات البحرية أو الفواكه والخضروات غير المغسولة.
- غسل الفواكه والخضروات جيداً قبل الأكل.
- تنظيف أسطح المناضد بعناية واستمرار.
- تنظيف صندوق فضلات القطط يوميا لتجنب تجرثم البويضات وتحولها الى الطور المعدى وغسل اليدين بعد تنظيف فضلات القطط بالماء والصابون.
- فحص السيدات للكشف عن الأجسام المضادة للتوكسوبلازما.
- تجنب شرب المياه غير المعالجة.
- تجنب شرب الحليب غير المبستر.
- ارتداء قفازات اليد عند القيام بأمور البستنة وأثناء ملامسة التربة أو الرمل، لأنها قد تكون ملوثة ببراز القطط الذي قد يحتوي على طفيل المقوسة الغوندية. والحرص على غسل اليدين بالماء والصابون بعد الزراعة أو ملامسة التربة أو الرمل.
- عدم استخدام السكين الذى يستخدم لتقطيع اللحوم فى تقطيع الخضروات والفاكهة
- تجنب النساء الحوامل تنظيف صندوق فضلات القطط وإيعاز هذه المهمة لشخص آخر.
- تعليم الأطفال أهمية غسل اليدين للوقاية من العدوى.
- الحفاظ على تغطية صناديق الرمل الخارجية.
التشخيص:
يتوقف تشخيص التوكسوبلازما على فحوصات الدم. والتى يمكن أن تكشف عن نوعين من الأجسام المضادة.
- Ig Mويو الاجسام المضادة التي تشير الي ان الإصابة حديثة ونشطة .
- IgG وهي الاجسام المضادة التي تشيرالي حدوث عدوى في وقت سابق.
بمعنى أنه إذا كان تحليل Toxoplasma IgM سلبي في حين أن تحليل Toxoplasma IgG إيجابي فقد يدل ذلك على إصابة الفرد سابقاً بداء القطط. إذا كان كان تحليل Toxoplasma IgM إيجابي في حين أن تحليل Toxoplasma IgG سلبي فقد يدل ذلك على وجود عدوى حالية، كما قد يشير إلى احتمال إصابة الأطفال حديثي الولادة بعدوى خلقية.
العلاج:
تستخدم الأدوية لعلاج حالات العدوى النشطة وتعتمد جرعة الدواء ومدة تناوله على عوامل مختلفة مثل مدى شدة المرض وسلامة الجهاز المناعي وموضع الإصابة بالعدوى. ومراحل الحمل .
ومن الأدوية المستخدمة :
- البيريميثامين (Daraprim). وهو مضاد للتكسوبلازما ولكن من آثاره الجانبية منع استفادة الجسم من حمض الفوليك. كما يؤدى الاستخدام طويل الأجل إلى تثبيط نخاع العظم وتسمم الكبد.
- ليوكوفورين كالسيوم، وهو دواء يساعد على تقليل تأثيرات البيريميثامين على نشاط حمض الفوليك.
- السلفاديازين، وغالبًا ما يوصف مع البيريميثامين.
- من الأدوية الأخرى الكليندامايسين (Cleocin) والأزيثروميسين (Zithromax).
Comments are closed.